الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ إبطال حيلة لإسقاط الكفارة ]

وكذلك المجامع في نهار رمضان إذا تغدى أو شرب الخمر أولا ثم جامع ، قالوا : لا تجب عليه الكفارة ، وهذا ليس بصحيح ; فإن إضمامه إلى إثم الجماع إثم الأكل والشرب لا يناسب التخفيف عنه ، بل يناسب تغليظ الكفارة عليه ، ولو كان هذا يسقط الكفارة لم تجب كفارة على واطئ اهتدى لجرعة ماء أو ابتلاع لبابة أو أكل زبيبة ، فسبحان الله ، هل أوجب الشارع الكفارة لكون الوطء لم يتقدمه مفطر قبله أو للجناية على زمن الصوم الذي لم يجعله الله محلا للوطء ؟ أفترى بالأكل والشرب قبله صار الزمان محلا للوطء فانقلبت كراهة الشارع له محبة ومنعه إذنا ؟ هذا من المحال ، وأفسد من هذا قولهم : إن الحيلة في إسقاط الكفارة أن ينوي قبل الجماع قطع الصوم ، فإذا أتى بهذه النية فليجامع آمنا من وجوب الكفارة ، ولازم هذا القول الباطل أنه لا تجب كفارة على مجامع أبدا ، وإبطال هذه الشريعة رأسا ; فإن المجامع لا بد أن يعزم على الجماع قبل فعله ، وإذا عزم [ ص: 194 ] على الجماع فقد تضمنت نيته قطع الصوم فأفطر قبل الفعل بالنية الجازمة للإفطار ، فصادفه الجماع وهو مفطر بنية الإفطار السابقة على الفعل ، فلم يفطر به ، فلا تجب الكفارة ، فتأمل كيف تتضمن الحيل المحرمة مناقضة الدين وإبطال الشرائع ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية