الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ حيلة في التخلص من لدغ المخادع ]

المثال السادس والثلاثون : الحيلة المخلصة من لدغ العقارب ، وذلك إذا اشترى الماكر المخادع من رجل دارا أو بستانا أو سلعة ، وأشهد عليه بالبيع ، ثم مضى إلى البيت أو الحانوت ليأتيه بالثمن ، فأقر بجميع ما في يده لولده أو لامرأته ، فلا يصل البائع إلى أخذ الثمن ، فالحيلة له أن يبيعه بحضرة الحاكم أو يمضي بعد البيع معه إليه ليثبت له التبايع ، ثم يسأله قبل مفارقته أن يحجر على المشتري في ماله ، ويقفه حتى يسلم إليه الثمن ; لئلا يتلف ماله أو يتبرع به فيتعذر عليه الوصول إلى حقه . ويلزم الحاكم إجابته إذا خشي ذلك من المشتري ; لأن فيه إعانة لصاحب الحق على التوصل إلى حقه ، فإن تعذرت عليه هذه [ ص: 285 ] الحيلة ولدغته العقرب وادعى الإعسار عند الجمهور سأل الحاكم الحجر عليه ، فإن فعل ذلك رجع عليه في عين ماله . فإن كانت العقرب داهية بأن غير العين المبيعة أو ملكها لولده أو زوجته أو كان الحاكم لا يرى رجوع البائع في عين المبيع إذا أفلس المشتري ; فالحيلة أن يتوصل إلى إبطال العقد بإقرار سابق على المبيع لولده أو لزوجته أو يرهنه أو يبيعه لمن يثق به ، ويقدم تاريخ ذلك على بيع العقرب ، وله أن يتوصل بهذه الحيلة وإن كانت مكرا وخداعا ; فإن المكر والخداع حسن إذا كان على وجه المقابلة لا على وجه الظلم ، كما قال تعالى : { ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون } وقال : { ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين } وقال : { إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم } وأخبر تعالى أنه كاد ليوسف في مقابلة كيد إخوته وقد تقدم ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية