الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ ما يصنع المفتي إذا أفتى في واقعة ثم وقعت له مرة أخرى ] الفائدة السادسة والأربعون : إذا أفتى في واقعة ثم وقعت له مرة أخرى ، فإن ذكرها وذكر مستندها ، ولم يتجدد له ما يوجب تغير اجتهاده أفتى بها من غير نظر ولا اجتهاد ، وإن ذكرها ونسي مستندها فهل له أن يفتي بها دون تجديد نظر واجتهاد ؟ فيه وجهان لأصحاب [ ص: 179 ] الإمام أحمد والشافعي ، أحدهما : أن يلزمه تجديد النظر ; لاحتمال تغير اجتهاده وظهور ما كان خافيا عنه ، والثاني : لا يلزمه تجديد النظر ; لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان ، وإن ظهر له ما يغير اجتهاده لم يجز له البقاء على القول الأول ، ولا يجب عليه نقضه ، ولا يكون اختلافه مع نفسه فادحا في علمه ، بل هذا من كمال علمه وورعه ، ولأجل هذا خرج عن الأئمة في المسألة قولان فأكثر ، وسمعت شيخنا - رحمه الله تعالى يقول : حضرت عقد مجلس عند نائب السلطان في وقف أفتى فيه قاضي البلد بجوابين مختلفين ، فقرأ جوابه الموافق للحق ، فأخرج بعض الحاضرين جوابه الأول ، وقال : هذا جوابك بضد هذا فكيف تكتب جوابين متناقضين في واقعة واحدة ؟ فوجم الحاكم ، فقلت : هذا من علمه ودينه ، أفتى أولا بشيء ، ثم تبين له الصواب فرجع إليه ، كما يفتي إمامه بقول ثم يتبين له خلافه فيرجع إليه ، ولا يقدح ذلك في علمه ولا دينه ، وكذلك سائر الأئمة ، فسر بذلك وسري عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية