الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      تنبيهات ( التنبيه ) الأول فائدة الخلاف قد تطلب فائدة هذا الخلاف ، فإن الصورة مفروضة حيث دل الدليل من خارج على أنه شرط وحينئذ ، فما فائدة الخلاف في أنه يشمله الأمر بالمشروط ؟ [ ص: 304 ] ويمكن أن يقال : فائدته أنه إذا وقع الشرط ترتب الفعل الواجب عليه . هل نقول : إنه يثاب على الواجب وعلى تحصيل السبب لكونه وسيلة للقربة ؟ وهل يثاب عليه ثواب الواجب ; لأنه لما توقف عليه الوجوب فقد توقف عليه فعل الواجب ؟ فيه نظر واحتمال ، وقال القرافي : لا نزاع في أن المقاصد تتوقف على الوسائل ، وإنما النزاع إذا تركت الوسيلة مع المقاصد هل يعاقب عقابين على الوسيلة والمقصد ؟ وإذا فعلهما هل يثاب ثوابين عليهما ؟ وتعدد الثواب والعقاب لا دليل عليه ، وإنما دل الدليل على التوقف ، وهو مسلم إجماعا ، فمن أين لنا أن الله يعاقب تارك الجمعة وتارك الحج على ترك العبادة ، وعلى ترك السعي بمجرد كونه آمرا بهما مع السكوت عن السعي ؟ ولك أن تقول : تخريج العقاب على ذلك واضح ، وأما تخريج الثواب ، ففيه نظر لجواز أن يثاب عليه ، وإن لم يكن واجبا كما تقدم . ثم حاصله : أنه لا فائدة لها إلا الثواب والعقاب في الآخرة ، ويبقى نظير فائدة الخلاف في خطاب الكفار بالفروع . وأقول : له فوائد في الدنيا : منها أجرة الكيال على بائع المكيل ، وأجرة الوزان على المشتري للثمن ، وإذا التزم نقل متاعه إلى مكان فعليه الظروف ، وإذا نسي صلاة من الخمس صلاها بتيمم واحد ، وإذا خفي عليه موضع النجاسة من الثوب غسله كله ، وغير ذلك من الفروع المنتشرة التي ترتب فيها الواجب على غيره .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية