الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      أما شروطه ( فمنها ) : التساوي في الثبوت ، فلا تعارض بين الكتاب وخبر الواحد إلا من حيث الدلالة ( ومنها ) : التساوي في القوة فلا تعارض بين المتواتر والآحاد ، بل يقدم المتواتر بالاتفاق ، كذا نقله إمام الحرمين وغيره ، لكن قال ابن كج في كتابه : إذا ورد خبران أحدهما متواتر والآخر آحاد ، أو آية وخبر ، ولم يمكن استعمالهما ، وكانا يوجبان العمل ، فيحتمل أن يقال : يتعارضان ويرجع إلى غيرهما لاستوائهما في لزوم الحجة لو انفرد كل منهما ، فلم يكن لأحدهما مزية على الآخر وحكى إمام الحرمين في تعارض الظاهر من الكتاب والسنة مذاهب : أحدها : يقدم الكتاب لخبر معاذ . [ ص: 121 ]

                                                      والثاني : يقدم السنة ، لأنها المفسرة للكتاب والمبينة له والثالث : التعارض وصححه واحتج عليه بالاتفاق السابق ، وزيف الثاني بأنه ليس الخلاف في السنة المفسرة ، بل المعارضة ، قلت : ولهذا نقل عن أحمد أنه كان يقدم السنة على الكتاب بطريق البيان ، كتخصيص العموم ونحوه قال بعض أصحابه : وليس هذا مخالفا لما حكى من تقديم الكتاب على السنة ، لأنه دل الدليل على كونه بيانا ، فيرجح باعتبار ذلك ، لا بطريق ترجيح النوع على النوع ، وسبق في باب التخصيص الخلاف في قياس نص خاص إذا عارض عموم نص آخر مذاهب كثيرة ( ومنها ) : اتفاقهما في الحكم مع اتحاد الوقت ، والمحل ، والجهة ، فلا امتناع بين الحل والحرمة ، والنفي والإثبات في زمانين في محل أو محلين ، أو محلين في زمان ، أو بجهتين ، كالنهي عن البيع في وقت النداء مع الجواز .

                                                      وذكر المناطقة شروط التناقض في القضايا الشخصية ثمانية : اتحاد الموضوع ، والمحمول ، والإضافة ، والجزء ، والكل ، وفي القوة ، والفعل ، وفي الزمان والمكان ، وزاد بعض المتأخرين تاسعا ، وهو اتحادها في الحقيقة والمجاز ، ليخرج نحو قوله تعالى : { وترى الناس سكارى وما هم بسكارى } وهو راجع إلى الإضافة ، أي يراهم بالإضافة إلى أهوال يوم القيامة سكارى مجازا ، وما هم بسكارى بالإضافة إلى الخمر ومنهم من رد الثمانية إلى ثلاثة ، وهي : اتحاد الموضوع ، والمحمول ، والزمان ومنهم من يردها إلى الأولين لاندراج وحدة الزمان تحت وحدة المحمول ومنهم من يردها إلى أمر واحد ، وهو الاتحاد في النسبة الحكمية لا غير ، فتندرج الشروط الثمانية تحت هذا الشرط الواحد ونبه الأصفهاني شارح المحصول " على أن هذه الشروط ليس المراد بها اعتبارها في تناقض كل واحدة واحدة من القضايا ، بل القضية إن كانت مكانية اعتبر فيها وحدة الموضوع والمحمول والمكان ، كقولنا : زيد جالس ، [ ص: 122 ] زيد ليس بجالس وإن كانت زمانية اعتبر فيها وحدة الزمان ، وبالجملة فوحدة الموضوع والمحمول معتبرة في تناقض القضايا بأسرها ، وأما بقية الشروط فبحسب ما يناسبها قضية قضية فافهمه واعلم أن الباحث في أصول الشرع الثابتة في نفس الأمر لا يجد ما يحقق هذه الشروط فإذا لا تناقض فيها .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية