الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      و ( ثالثها ) : أن يكون مباحا ، فيأتي بمثل ما جاء به الحكم ، كالمزارعة ، فإن الناس كانوا يستبيحون المزارعة بالثلث والربع ، فنهى عنهما ، وورد الخبر بإجازتهما ، ولم يفد شيئا أفاد فيما كان الناس عليه ، فخبر النهي أولى بالاستعمال ، هذا إذا علم تقريره على المزارعة مدة ثم جاء الخبران ، فإن كانوا مستعملين لها ولا يعلم أنهم أقروا عليها ، فإذا جاء النهي عنها ثم جاء الخبر بإجازتها نظر فيهما على هذا الحال . فأما آي القرآن ، فكل آية وردت بإباحة شيء في جملة الخطاب ، كقوله تعالى : { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما } فأخبر بتحريم شيء مما تضمنته الآية فهي مخصوصة لا محالة . ولو جاء خبر بتحليل ما جاء الخبر الآخر بتحريمه نظر في الخبرين ، لأن أحدهما يوجب خصوص الآية والآخر يوجب عمومها وليس هذا مما يصلح أن يأتي بعد الحظر ولا قبله ولا في الأخبار ، لأن السنة لا تنسخ القرآن ، فإن كان الحظر بيان الآية لم يجز أن يرفع ذلك بالخبر ، لأنه يكون نسخا للقرآن ، ويكون خبر التحليل بإزاء خبر التحريم ، فكأنه لم يقم دليل الخصوص ، فإن قوي أحدهما على صاحبه فالحكم له ، قال : ويجيء الخبران مختلفين ، والإنسان مخير بينهما ، كالإفراد والقران والتمتع للحاج ، فلا يضر ذلك الاختلاف وإن كان محالا أن يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في حجة واحدة ، وإن لم يمكن استعمالهما كخبر ميمونة { نكحها وهو محرم } و { ما نكحها إلا وهو حلال } . فأحدهما غلط من الراوي فيصار إلى الدليل يعضد أحدهما .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية