الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ التنبيه ] الرابع [ إذا أسلم الكافر سقط عنه حق الله تعالى ]

                                                      أن القائلين بتعلق الخطاب بهم قالوا : يشترط ما وجب منها عند الإسلام . قاله ابن الرفعة في كتاب النذر من " المطلب " ، ثم استشكل ذلك [ ص: 141 ] بتخريج " مجلي " مسألة نذر الكافر على هذا الأصل من جهة أن القائل بصحة النذر إنما يقول بوجوب الوفاء إذا أسلم ، ثم أجاب أن ذلك فيما إذا ألزمهم الشارع . أما إذا ألزمهم ذلك بالتزامهم فلا يسقط بالإسلام ، ولهذا لو أتلف الحربي مال المسلم ، ثم أسلم لا ضمان عليه ، ولو عامله أسلم وجب قضاء دين المعاملة . ا هـ .

                                                      وأقول : لا ينبغي إطلاق القول هكذا بل إذا أسلموا سقط عنهم حقوق الله تعالى البدنية كالصلاة والصوم بمعنى أنه لا يجب عليهم قضاؤها .

                                                      أما المالية : فإن كانت زكاة فكذلك ، لأن المغلب فيها حق الله تعالى ، وإن كانت كفارة ، كقتل الخطأ والظهار لم تسقط .

                                                      ولو جاوز الميقات ، ثم أسلم وأحرم دونه لزمه دم ، نص عليه ، وقال المزني : لا دم عليه ولو قتل صيدا في الحرم لزمه الجزاء على الأصح فلو أسلم لم يسقط .

                                                      وأما حقوق الآدميين : فإن كان قد التزم حكمنا بجزية أو أمان لم يسقط نفسا ولا مالا . ولهذا لو قتل ذميا ثم أسلم القاتل لم يسقط القصاص على المعروف . وفيه وجه في " الذخائر " . وإن لم يلتزم حكمنا سقط كالحربي إذا أتلف مالا أو نفسا في حال الحرب مع المسلمين . وعن الأستاذ أبي إسحاق أنه يجب . قال الرافعي : ويعزى للمزني في " المنثور " .

                                                      أما حدود الله تعالى : فنص الشافعي في " الأم " على أن الذمي إذا زنى ثم أسلم لا يسقط عنه الحد ، وأما ما وقع في " الروضة " من سقوط الحد والتعزير عنه عن نص الشافعي ، وأن ابن المنذر نقله في " الإشراف " ، فقد راجعت كلام ابن المنذر فوجدته نسبه لقوله إذ هو بالعراق فهو قديم [ ص: 142 ] قطعا ، ونص " الأم " جديد فحصل في المسألة قولان . حكاهما الدارمي في " الاستذكار " وجهين .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية