الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة [ الأمر بالصفة ] الأمر بالصفة أمر بالموصوف فإذا أمر بالطمأنينة في الركوع والسجود كان أمرا بالركوع والسجود ; لأنه لا يتم إلا بهما قاله الشيخ أبو إسحاق الشيرازي قال : وغلطت الحنفية حيث استدلوا على وجوب التلبية في الإحرام بما روي أن { جبريل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : مر أصحابك ليرفعوا أصواتهم بالتلبية } ، فجعلوا الندب إلى الصفة ، وهي رفع الصوت بالتلبية دليلا على وجوب التلبية ، وهذا غلط ، وذلك أنه قد [ ص: 351 ] يندب إلى صفة ما هو واجب ومستحب ، وليس في ندبه إلى الصفة ما يقتضي إيجاب الموصوف ، والذي يتناوله بصريحه هو رفع الصوت بالتلبية ، ونفس التلبية إنما يعلم من ضميمه على سبيل التبع له ، وما تناوله الأمر غير واجب فلأن لا يجب ما كان مستفادا من ضمنه المتوصل إليه أولى ، وفيما أطلق حكايته عن الحنفية نظر . وقال بعض الحنابلة : إذا ورد الأمر بهيئة أو صفة لفعل دل الدليل على أنها مستحبة جاز التمسك به على وجوب أصل الفعل لتضمنه الأمر به ; لأن مقتضاه وجوبها ، فإذا خولف في الصريح بقي التضمن على أصل الاقتضاء . قال : ذكره أصحابنا ، ونص عليه أحمد حيث تمسك على وجوب الاستنشاق بالأمر بالمبالغة . وقالت الحنفية فيما حكاه الجرجاني : لا يبقى دليل على وجوب الأصل . انتهى . وقال ابن دقيق العيد في شرح الإلمام " : الأمر بإيجاد الصفة وإدخالها في الوجود يقتضي الأمر بالموصوف لاستحالة دخول الصفة في الوجود بدون الموصوف ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وقد يكون الأمر بالصفة على تقدير وجود الموصوف ، وقد يحتمل الحال الأمرين كقوله صلى الله عليه وسلم : { أفشوا السلام بينكم } هل المراد إدخال إفشاء السلام في الوجود فيكون أمرا بأصل السلام ، أو المراد إفشاؤه على تقدير وجوده أي : إذا سلمتم فليكن فاشيا ؟ .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية