الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                القاعدة الثانية : اليقين لا يزال بالشك ودليلها قوله صلى الله عليه وسلم { إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه ، أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا } رواه مسلم من حديث أبي هريرة . وأصله في الصحيحين عن عبد الله بن زيد قال " شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة قال { : لا ينصرف حتى يسمع صوتا ، أو يجد ريحا } وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وابن عباس . وروى مسلم عن [ ص: 51 ] أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا شك أحدكم في صلاته ، فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا ؟ فليطرح الشك ، وليبن على ما استيقن } . وروى الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { إذا سها أحدكم في صلاته ، فلم يدر : واحدة صلى ، أم اثنتين ؟ فليبن على واحدة فإن لم يتيقن : صلى اثنتين ، أم ثلاثا ؟ فليبن على اثنتين ، فإن لم يدر : أثلاثا صلى أم أربعا ؟ فليبن على ثلاث ، وليسجد سجدتين قبل أن يسلم } .

                اعلم أن هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه ، والمسائل المخرجة عليها تبلغ ثلاثة أرباع الفقه وأكثر ، ولو سردتها هنا لطال الشرح ولكني أسوق منها جملة صالحة فأقول : يندرج في هذه القاعدة عدة قواعد :

                منها : قولهم : " الأصل بقاء ما كان على ما كان " .

                فمن أمثلة ذلك : من تيقن الطهارة ، وشك في الحدث فهو متطهر . أو تيقن في الحدث وشك في الطهارة فهو محدث .

                ومن فروع الشك في الحدث أن يشك هل نام أو نعس ؟ أو ما رآه رؤيا ، أو حديث نفس ؟ أو لمس محرما أو غيره ؟ أو رجلا أو امرأة ؟ أو بشرا أو شعرا ؟ أو هل نام ممكنا أو لا ؟ أو زالت إحدى أليتيه ، وشك : هل كان قبل اليقظة أو بعدها ؟ أو مس الخنثى أحد فرجيه ، ثم مس مرة ثانية وشك : هل الممسوس ثانيا : الأول ، أو الآخر ؟

                ومن ذلك : عدم النقض بمس الخنثى ، أو لمسه أو جماعه .

                ومن ذلك : مسألة : من تيقن الطهارة أو الحدث ، وشك في السابق : والأصح أنه يؤمر بالتذكر فيما قبلهما ، فإن كان محدثا فهو الآن متطهر ; لأنه تيقن الطهارة بعد ذلك الحدث وشك في انتقاضها ; لأنه لا يدري : هل الحدث الثاني قبلها ، أو بعدها ؟ وإن كان متطهرا فإن كان يعتاد التجديد ، فهو الآن محدث ، لأنه تيقن حدثا بعد تلك الطهارة ، وشك في زواله ; لأنه لا يدري : هل الطهارة الثانية متأخرة عنه ، أم لا ؟ بأن يكون والى بين الطهارتين .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية