الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                القول في المسكن والخادم قال السبكي : اضطرب حكم - المسكن والخادم ، ففي مواضع يباعان وفي آخر لا .

                وفي موضع : إن كان لا يعين بقيا ، وإلا فلا . وفي آخر : يبدل النفيسان إن لم يؤلفا ، انتهى . [ ص: 371 ] والمواضع التي ذكر فيها اثنا عشر موضعا الأول التيمم ولا يباعان فيه ، صرح به ابن كج . وقال في الكفاية : إنه المتجه وقال السبكي : إنه القياس ، وقال الإسنوي : إنه الظاهر .

                الثاني : ستر العورة ، ولا يباعا أيضا . قال السبكي : وفاقا لابن كج ، وخلافا لابن القطان قال في الخادم : كل موضع أوجب الشرع فيه صرف مال في حق الله يجب كونه فاضلا عن الخادم ، كما يأتي في الفطرة ، والحج ، ونحوهما .

                الثالث الفطرة ، ولا يباعا أيضا على الأصح كالكفارة وفي وجه : نعم ; لأن للكفارة بدلا .

                وعلى الأول : إنما يعتبر ذلك في الابتداء فلو ثبتت الفطرة في ذمة إنسان بعنا خادمه ، ومسكنه فيها لأنها بعد الثبوت : التحقت بالديون .

                قال في شرح المهذب : وأن تكون الحاجة إلى الخادم لخدمته ، أو خدمة من تلزمه خدمته ليخرج ما لو احتاج إليه لعمله في أرضه ، أو ماشيته ، فإن الفطرة تجب ، قال الإسنوي : ولا بد أن يكونا لائقين به .

                الرابع نكاح الأمة ، وهل يباعان ويصرف ثمنهما إلى نكاح الحرة أو يحل له نكاحها ويبقيان ؟ وجهان أصحهما في زوائد - الروضة : الثاني الخامس المحاقلة ولا يباعان فيها جزم به في الروضة - وأصلها .

                السادس التفليس ، ويباعان فيه سواء احتاج إلى الخادم لزمانة ومنصب أم لا وفي قول مخرج من الكفارة : لا يباعان إذا احتاج إليهما .

                والفرق على الأول : أن للكفارة بدلا وأن حقوق الآدميين أضيق وفي ثالث : يباع الخادم دون المسكن ; لأنه أولى بالإبقاء من الخادم . [ ص: 372 ]

                السابع : نفقة الزوجة ، ويباعان فيها كالدين . الثامن : نفقة القريب ويباعان فيها كالدين وفيها الوجه الذي فيه . وفي كيفية بيع العقار : وجهان في الروضة - وأصلها بلا ترجيح : أحدهما : تباع كل يوم جزء بقدر الحاجة .

                والثاني : يقترض عليه إلى أن يجتمع ما يسهل بيع العقار له ; لأن ذلك يشق ورجح البلقيني الثاني ، فإنه الراجح في نظيره من العبد .

                قال الأذرعي : واعلم أن التسوية بين نفقة القريب ، والدين مشكل جدا ولم أجد دليلا ، ولا نصا للشافعي على بيع ما لا بد منه من مسكن ، وخادم لا يستغنى عنه . قال : والأرجح المختار : ما قاله القاضي حسين : أنه لا يباعان هنا وإن قلنا : يباعان في الدين . قال : نعم لو اقترض الحاكم عليه لغيبته ، ونحوها صار دينا عليه ، فيباعان فيه كسائر الديون . التاسع - سراية العتق ، ويباعان فيها كالدين جزم به في الروضة وأصلها العاشر الحج ، ولا يباعان إن لاقا به بل أو كان معه نقد صرف إليهما كالكفارة وقيل : يباعان كالدين فإن كانا غير لائقين ، ولو أبدلا لوفى التفاوت بمؤنة الحج وجب إبداله ، كذا أطلقه الأصحاب ، ولم يفرقوا بين المألوفين وغيرهما قال الرافعي : ولا بد من ذلك ، كالكفارة ثم فرق في الشرح الصغير ، وتبعه النووي في الروضة ، وشرح المهذب : بأن للكفارة بدلا ، بخلاف الحج .

                قال الإسنوي : وهو منتقض بالرتبة الأخيرة منها ، فإنه لا بدل لها . وبالفطرة ، فإنه لا بد لها ، مع أنها كالحج فيما نقله عن الإمام .

                الحادي عشر - الكفارة فإن لاقا ، لم يباعا ، بلا خلاف . ولا يجري الوجه الذي في الحج لأن لها بدلا وإن لم يكونا لائقين لزم الإبدال [ ص: 373 ] وصرف التفاوت إلى العتق إن لم يكونا مألوفين فإن ألفا فلا في الأصح لمشقة مفارقة المألوف .

                الثاني عشر الزكاة ولا يسلبان اسم الفقر ، كما نقله الرافعي في المسكن عن التهذيب ، وغيره قال : لم يتعرضوا له في الخادم وهو في سائر الأصول ملحق بالمسكن .

                واستدرك عليه في الروضة : أن ابن كج صرح في التجريد بأنه كالمسكن ، وهو متعين .

                قال في المهمات : وصرح به أيضا في النهاية ، إلا أنه اغتفرهما في المسكن ، دون الفقير ، فقال : إن المسكن والخادم : لا يمنع اسم المسكنة بخلاف الفقر قال : واغتفار الرافعي لهما في الفقر ، يلزم منه الاغتفار في المسكن بطريق الأولى قال السبكي : وإطلاق المسكن والخادم يقتضي أنه لا فرق بين اللائق ، وغيره .

                قال ابن النقيب : وفيه نظر ، ولو لم يكن له عبد ومسكن ، واحتاج إليهما ، ومعه ثمنهما قال السبكي : لم أر فيه نقلا ، ويظهر أنه كوفاء الدين وقد قال الرافعي فيما لو كان عليه دين ، ومعه ما يوفيه به لا غيره بما يوفيه به كما في نفقة القريب ، والفطرة . وقال أيضا في الغارم الذي يعطى من الزكاة : هل يعتبر في فقره مسكنه ، وخادمه ؟

                ظاهر عبارة الأكثرين اعتبار ذلك وربما صرحوا به وفي بعض شروح المفتاح : أنه لا يعتبر المسكن ، والملبس ، والفراش ، والآنية ، وكذا الخادم ، والمركوب إن اقتضاها حاله قال : وهذا أقرب تنبيهان الأول قال في المهمات ، في الحج : تعبير الرافعي بالعبد للاحتراز عن - الجارية النفيسة المألوفة فإنها إن كانت للخدمة ، فهي كالعبد ، وإن كانت للاستمتاع .

                لم يكلف بيعها جزما لما يؤدي إليه تعلقه بها من الضرر الظاهر .

                قال : وهذا التفصيل لم أره ، ولكن لا بد منه . قلت : نقله الأذرعي عن تصريح الدارمي ; وزاد : إن كان له أخرى للخدمة فإن أمكن التي للاستمتاع أن تخدم باع التي للخدمة ، وإلا فلا . [ ص: 374 ]

                الثاني قال في المهمات في الحج : مقتضى إطلاق الرافعي ، وغيره : أنه لا فرق في اعتبار المسكن والخادم بين المرأة المكفية بإخدام الزوج ، وإسكانه ، وبين غيرها وهو متجه لأن الزوجية قد تنقطع فتحتاج إليهما قال : وكذلك اعتبار المسكن بالنسبة إلى المتفقهة ، والصوفية الذين يسكنون بيوت المدارس والربط وقال السبكي في الزكاة : لو اعتاد السكنى بالأجرة ، أو في المدرسة ; فالظاهر : خروجه عن اسم الفقر بثمن المسكن .

                الثالث : قال البلقيني : لا يباع المسكن ، والخادم في الحجر على الغريب قطعا ; لإمكان الوفاء من غيره . وقد قلت في الخلاصة ، جامعا هذه النظائر :

                اضطرب المسكن والخادم في حكمهما فالمنع للبيع قف     هنا وفي عاقلة والستره
                وفي نكاح أمة والفطره     والبيع في التفلس والإنفاق
                للزوج والقريب والإعتاق     في الحج والتكفير إن لاقا فلا
                ثم لذي الحج النفيس أبدلا     ولو لمألوف وفي التكفير
                إن لم يكن يؤلف في الشهير     وليس يمنعان وصف الفقر
                ولا التي للوطء في ذا تجري



                التالي السابق


                الخدمات العلمية