الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( المسألة السابعة ) قال أبو الوليد : إن أراد سفرا للتجارة يرجو به ما يحصل له في الإقامة فلا يخرج إلا بإذنهما وإن رجا أكثر من ذلك وهو في كفاف وإنما يطلب ذلك تكاثرا فهذا لو أذنا له لنهيناه لأنه غرض فاسد وإن كان المقصود منه دفع حاجات نفسه أو أهله بحيث لو تركه تأذى بتركه كان له مخالفتهما لقوله عليه السلام { لا ضرر ولا ضرار } وكما نمنعه من إذايتهما نمنعهما من إذايته فإنه لو كان معه طعام إن لم يأكله هلك وإن لم يأكلاه هلكا قدمت ضرورته عليهما قال : فإن قلت قد قال مالك : إذا احتلم الغلام ذهب حيث شاء وليس لأبويه منعه قال : قلت هذا في الحضانة لأنه قبل البلوغ كان تصرفه بإذن كافله فإذا بلغ ذهب حجر الحضانة وتجدد حجر البر ويؤكد ذلك قول مالك في الذي دعاه أبوه من السودان ومنعته أمه فمنعه مالك من الخروج بغير إذن الأم وقال له : أطع أباك ولا تعص أمك فهو بعد البلوغ يمشي في البلد حيث شاء دون السفر إلا أن يكون في موضع ريبة وهما يتأذيان به فيمنعانه مطلقا .

التالي السابق


حاشية ابن الشاط

[ ص: 146 ] قال : ( المسألة السابعة قال : أبو الوليد إلى آخرها ) قلت : ما قاله في ذلك صحيح غير قوله قال أبو الوليد فإنه أبو بكر .



حاشية ابن حسين المكي المالكي

( المسألة السابعة ) قول الإمام أبي بكر الطرطوشي أما مخالفتهما في طلب العلم فإن كان في بلده يجد مدارسة المسائل والتفقه على طريق التقليد وحفظ نصوص العلماء فأراد أن يظعن إلى بلد آخر فيتفقه فيه على مثل طريقته لم يجز إلا بإذنهما لأن خروجه إذاية لهما بغير فائدة وإن أراد الخروج للتفقه في الكتاب والسنة ومعرفة الإجماع ومواضع الخلاف ومراتب القياس فإن وجد في بلده ذلك لم يخرج إلا بإذنهما وإلا خرج ولا طاعة لهما في منعه لأن تحصيل درجة المجتهدين فرض على الكفاية [ ص: 165 ] قال : سحنون من كان أهلا للإمامة وتقليد العلوم ففرض عليه أن يطلبهما لقوله تعالى { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } ومن لا يعرف المعروف كيف يأمر به أو لا يعرف المنكر كيف ينهى عنه . ا هـ .

لا يخالف ما تقدم من عدم جواز مخالفتهما في الجهاد الذي هو فرض كفاية ضرورة أن العلم وضبط الشريعة وإن كان فرض كفاية أيضا إلا أنه يتعين له طائفة من الناس وهم من جاد حفظهم ورق فهمهم وحسنت سيرتهم وطابت سريرتهم فهؤلاء هم الذين يتعين عليهم الاشتغال بالعلم فإن عديم الحفظ أو قليله وسيئ الفهم لا يصلح لضبط الشريعة المحمدية وكذلك من ساءت سريرته لا يحصل به الوثوق للعامة فلا تحصل به مصلحة التقليد فتضيع أحوال الناس وإذا كانت هذه الطائفة متعينة بهذه الصفات صار طلب العلم عليها فرض عين لا فرض كفاية إذ لا يصلح له غيرها بخلاف الجهاد الذي هو عبارة عن الرمي بالحجر والضرب بالسيف فإن كل بليد أو زكي يصلح له لسهولة أمره وصعوبة ضبط العلوم فلعل هذا هو معنى كلام سحنون وأبي بكر .




الخدمات العلمية