الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( القاعدة السادسة ) التفضيل بشرف الصدور كشرف ألفاظ القرآن على غيرها من الألفاظ لكون الرب سبحانه وتعالى هو المتولي لرصفه ونظامه في نفس جبريل عليه السلام وبهذا نجيب عن قول القائل إن الله خالق لجميع ألفاظ الخلائق والمريد لترتيب وصفها ، فمن قال زيد قائم في الدار فالله تعالى هو الخالق لأصواته هذه والمريد لترتيب هذه الكلمات على هذا الوصف ، وتقديم " قائم " على المجرور وكون المجرور بفي دون غيرها من حروف الجر ، وإذا كان الله تعالى هو المتولي لرصف جميع كلام الناس وفي أنفسهم ، وهو المتولي لرصف القرآن في نفس جبريل عليه السلام بإرادته وهذه الحروف والألفاظ عندكم مخلوقة مثل ألفاظ الخالق لا فرق بينهما في ذلك فلم لا تقولون للجميع كلام الله ، وما المزية للفظ القرآن على غيره . ؟ ،

فنقول : الله تعالى هو المتولي لرصف القرآن في نفس جبريل عليه السلام على وفق إرادة الله تعالى دون إرادة جبريل والمتولي لرصف كلام الخلائق في أنفسهم على إرادتهم تبعا لإرادته تعالى فتفرده في هذا الوصف بالإرادة هو الفرق وامتاز القرآن الكريم بوجوه أخر من الإعجاز وغيره على جميع الكتب المنزلة التي هي كلام الله [ ص: 217 ] تعالى كالتوراة والإنجيل ويقال إنها مائة وأربعة وعشرون كتابا صحفا وكتبا أنزلت على آدم ومن بعده من الأنبياء إلى محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .

( القاعدة السابعة ) التفضيل بشرف المدلول وله مثل :

أحدها تفضيل الأذكار الدالة على ذات الله تعالى وصفاته العليا وأسمائه الحسنى .

وثانيها تفضيل آيات القرآن الكريم المتعلقة بالله على الآيات المتعلقة بأبي لهب وفرعون ونحوهما .

وثالثها الآيات الدالة على الوجوب والتحريم أفضل من الآيات الدالة على الإباحة والكراهة والندب لاشتمالها على الحث على أعلى رتب المصالح ، والزجر عن أعظم المفاسد .

( القاعدة الثامنة ) التفضيل بشرف الدلالة لا بشرف المدلول كشرف الحروف الدالة على الأوصاف الدالة على كلام الله تعالى فإن ذلك أوجب شرفها على جميع الحروف لهذه الدلالة .

وأمر الشرع بتعظيمها فلا تمسك إلا على طهارة كاملة ويكفر من أصابها بالقاذورات وله وقع عظيم في الدين فلا يجوز إخراجها من بلاد المسلمين إلى بلاد الكافرين خشية أن تنالها أيديهم

( القاعدة التاسعة ) التفضيل بشرف التعلق كتفضيل العلم على الحياة فإن الحياة لا تتعلق بشيء بل لها موصوف فقط والعلم له موصوف ومتعلق فله مزية شرف بذلك وكذلك الإرادة متعلقة بالممكنات ، والقدرة بالمحدثات من الموجودات ، والسمع بالأصوات ، والكلام النفسي والبصر بجميع الموجودات الواجبات والممكنات وليس في صفات الله تعالى السبعة صفة غير متعلقة إلا الحياة

التالي السابق


حاشية ابن الشاط

[ ص: 216 ] قال

( القاعدة السادسة التفضيل بشرف الصدور كشرف ألفاظ القرآن على غيرها من الألفاظ لكون الرب تعالى هو المتولي لرصفه ونظامه في نفس جبريل عليه السلام إلى آخر القاعدة ) .

قلت : ما قاله من أن المزية للفظ القرآن انفراد إرادة الله تعالى بوضعه دون إرادة جبريل دعوى لا أراها تقوم عليها حجة ولعل جبريل أراد ذلك فليس ما قاله في ذلك بصحيح ، بل المزية التي امتاز بها لفظ القرآن على كلام الناس كونه دالا على كلام الله تعالى وعبارة عنه ، وامتيازه عن لفظ التوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب المنزلة على الرسل بالإعجاز وغيره من الأوصاف التي امتاز بها كما قال والله تعالى أعلم ، وما قاله في القاعدة السابعة والثامنة والتاسعة كله صحيح .



حاشية ابن حسين المكي المالكي

( القاعدة السادسة ) التفضيل بشرف الصدور قيل كشرف ألفاظ القرآن على غيرها من الألفاظ لأن الله تعالى ، وإن كان هو المتولي لوصف جميع كلام الناس في أنفسهم [ ص: 218 ] وأن من قال منهم زيد قائم في الدار فالله تعالى هو الخالق لأصواته هذه والمريد لترتيب هذه الكلمات على هذا الوصف وتقديم " قائم " على المجرور وكون المجرور بفي دون غيرها من حروف الجر كما أنه المتولي لرصف القرآن في نفس جبريل عليه السلام بإرادته إذ لا فرق بين ألفاظ الناس وألفاظ الخالق في كونها مخلوقة إلا أن المزية للفظ القرآن على غيره في أننا نقول للفظ القرآن كلام الله دون غيره هي أن الله تعالى هو المتولي لرصف القرآن في نفس جبريل عليه السلام - على وفق إرادة الله تعالى دون إرادة جبريل - والمتولي لرصف كلام الخلائق في أنفسهم على إرادتهم تبعا لإرادته تعالى فتفرده في رصف القرآن بالإرادة هو الفرق ا هـ .

قال ابن الشاط ودعوى انفراد إرادة الله تعالى بوضع ألفاظ القرآن دون إرادة جبريل لا أراها تقوم عليها حجة ولعل جبريل أراد ذلك بل المزية التي امتاز بها لفظ القرآن على كلام الناس كونه دالا على كلام الله تعالى وعبارة عنه وامتيازه عن لفظ التوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب المنزلة على الرسل ويقال إنها مائة وأربعة وعشرون كتابا صحفا وكتبا أنزلت على آدم ومن بعده من الأنبياء إلى محمد صلوات الله عليه وسلامه عليهم أجمعين بالإعجاز وغيره من الأوصاف التي امتاز بها كما قال الشهاب . ا هـ .

قلت وعليه فلا يصح التمثيل به للتفضيل بشرف الصدور بل مثاله بشرف فعله صلى الله عليه وسلم على فعل غيره من الأمة فافهم .

( القاعدة السابعة ) التفضيل بشرف المدلول وله مثل :

أحدها تفضيل الأذكار الدالة على ذات الله تعالى وصفاته العليا وأسمائه الحسنى .

وثانيها تفضيل آيات القرآن الكريم المتعلقة بالله على الآيات المتعلقة بأبي لهب وفرعون ونحوهما .

وثالثها الآيات الدالة على الوجوب ، والتحريم أفضل من الآيات الدالة على الإباحة والكراهة والندب لاشتمالها على الحث على أعلى رتب المصالح والزجر عن أعظم المفاسد .

( القاعدة الثامنة ) التفضيل بشرف الدلالة لا المدلول كشرف الحروف الدالة على الأوصاف الدالة على كلام الله تعالى على جميع الحروف التي لم تدل على ذلك بل على غيره فلذا أمر الشرع بتعظيم حروف القرآن فلا تمسك إلا على طهارة كاملة ويكفر من أصابها بالقاذورات وصار لها وقع عظيم في الدين فلا يجوز إخراجها من بلاد المسلمين إلى بلاد الكافرين خشية أن تنالها أيديهم .

( القاعدة التاسعة ) التفضيل بشرف التعلق كتفضيل الكلام النفسي لتعلقه بالمخبر عنه واختصاصه بأن له تعلق الاقتضاء والإباحة وغيرهما ، والعلم لتعلقه بالواجبات والممكنات والمستحيلات ، والإرادة لتعلقها بالممكنات والقدرة لتعلقها بالمحدثات من الموجودات ، والسمع لتعلقه بالأصوات والكلام النفسي ، والبصر لتعلقه بجميع الموجودات الواجبات والممكنات على الحياة فإنها لا تتعلق بشيء بل لها موصوف فقط بخلاف غيرها من صفات المعاني السبعة فإن له موصوفا ومتعلقا كما علمت .




الخدمات العلمية