الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومما يدخل في هذا الباب قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } الآية فهل المراد توزيع مجموع الصدقات على مجموع الأصناف أو كل فرد من أفراد الصدقات على مجموع الأصناف .

وينبني على ذلك مسألة وجوب استيعاب الأصناف بكل صدقة وفي ذلك روايتان أشهرهما أنه غير واجب .

وهل يجب على الإمام إذا اجتمعت عنده الصدقات أنه يعم الأصناف منها أم لا قال ابن عقيل يجب على ذلك تبغضيني التوفية باستيعاب الأصناف بمجموع الصدقات كما دلت عليه الآية .

وقال القاضي يستحب ذلك ولا يجب ; لأن حق بقية الأصناف يسقط بإعطاء الملاك لهم وأيضا فليس في الآية إيجاب الاستيعاب لصدقات كل عام فيجوز تعويضهم في كل عام آخر ، ومما يدخل فيه أيضا قوله تعالى { والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة } الآية هل اقتضت مقابلة مجموع المظاهرين لمجموع [ نسائهم وتوزيعه مع كل مظاهر على زوجته أو مقابلة كل فرد من المظاهرين مجموع ] نسائه المظاهر منهن ؟ قرر أبو الخطاب وغيره من أصحابنا الثاني واستدل على أن المظاهرة من جميع الزوجات بكلمة واحدة لا يوجب سوى كفارة واحدة وكذلك قال في قوله تعالى { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم } إلى آخر الآية ، أن المراد حرمت على كل واحد بناته وأخواته وعماته وخالاته .

فأما الأمهات فجعلها في مقابلة الأفراد بالأفراد قال ; لأنه لما لم يتصور أن يكون للواحد أمان علم أنه أراد الواحد في مقابلة الواحد وأما ما احتمل الجمع في مقابلة الواحد فإنه عمل حيلة ، والأظهر والله أعلم أن الكل مما قوبل فيه الواحد بالواحد والجملة بالجملة وأن المعنى حرمت على كل واحد أمه وبنته وأخته إذ لو أريد مقابلة الواحد بالجمع لحرم على كل واحد أمهات الجميع وبناتهم وهو باطل قطعا .

التالي السابق


الخدمات العلمية