الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
المثال الثاني والعشرون : الكتابة وهي خارجة عن القياس ، فإنها في الحقيقة هي بيع ملك السيد وهو الرقبة بما يملكه من اكتساب العبد ، لكن الشرع قدر الأكساب خارجة عن ملك السيد . وجعل الأعمال الواقعة بينه وبين السيد كالمعاملة الواقعة بين السيد وبين الأجنبي تحصيلا لمصالح العتق .

ولكن مذهب الشافعي رحمه الله مشكل من جهة أنه شرط في الكتابة التنجيم بنجمين . ولو كاتبه على ثمن درهم وأجله مثلا بشهر لم يصح عند الشافعي مع كونه أقرب إلى تحصيل العتق ، وهذا لا يلائم أوضاع العقود لأن كل ما كان أقرب إلى تحصيل المقصود من العقود كان أولى بالجواز لقربه إلى تحصيل المقصود ، وقد خولف في ذلك ومنع أيضا من الكتابة الحالة مع كونها مقتضية لتعجيل تحصيل المقصود ، وقد علل ذلك بعجز المكاتب عن النجوم الحالة ، وقد رد ذلك بالبيع من المفلس . وأجيب عنه بأنه يملك المبيع فيكون موسرا به ، وهذا لا يستقيم ، فإنه لو اشترى ما يساوي درهما واحدا بمائة درهم حالة فإن البيع يصح مع عجزه عن معظم الثمن .

وكذلك لو تبايع اثنان عينا غائبة والمشتري معسر ، وهما في برية ومسافة بعيدة فإن المشتري عاجز عن تسليم الثمن في الحال ، والبيع مع ذلك صحيح .

التالي السابق


الخدمات العلمية