الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
واعلم أن الأصول أنواع أحدها . الخوف وهو ناشئ عن معرفة شدة الانتقام .

النوع الثاني : الرجاء وهو ناشئ عن معرفة الرحمة والإنعام .

النوع الثالث : التوكل وهو ناشئ عن معرفة تفرد الرب بالضر والنفع والخفض والرفع ، والعطاء والمنع ، والإعزاز والإذلال ، والإكثار والإقلال .

النوع الرابع : المحبة ولها سببان أحدهما : معرفة إحسانه وعنها تنشأ محبة الإنعام والإفضال ، فإن القلوب مجبولة على حب من أنعم عليها وأحسن إليها فما الظن بمحبة من الإنعام كله منه والإحسان كله صادر عنه .

السبب الثاني : معرفة جماله وعنها تنشأ محبة الجلال وينبغي أن يكون كل واحد من المحبين أفضل من كل محبة إذ لا إفضال كإفضاله ، ولا جمال كجماله .

النوع الخامس : الحياء وهو ناشئ عن معرفة نظره إلينا واطلاعه علينا فمن حضرته هذه المعرفة استحيا من نظره إلينا واطلاعه علينا ، فلم يأت إلا بما يقربه إليه ويزلفه لديه ، ولا يأتي بما يبعده منه وينحيه عنه .

النوع السادس والسابع : المهابة والإجلال ومنشؤهما معرفة جلاله وكماله فينبغي أن تكون مهابته وإجلاله ، أعظم من كل مهابة وإجلال إذ لا إجلال كإجلاله ولا كمال ككماله . [ ص: 214 ]

النوع الثامن : الفناء الناشئ عن الاستغراق ببعض هذه الأحوال وحقيقة الفناء غفلة وغيبة ، وفراغ القلب عن الأكوان إلا عن السبب المفني ، فمن فقد معرفة من هذه المعارف فقد ما يبتنى عليها من الأحوال ، وما يناسب تلك الأحوال من الأقوال والأعمال ، ومن دامت معارفه بهذه الصفات دامت له الأحوال الناشئة عنها والمستفادة منها ، وتتفاوت رتب القوم بتفاوت دوام المعارف والأحوال المبنية عليها ، وكذلك تتفاوت رتبهم بشرف الأحوال الناشئة عن المعارف المذكورة ، فمراتب الخائفين والراجين دون مراتب المحبين لتعلق أسباب الخوف والرجاء بالمخوف من الشرور ، والمرجو من الخيور وتتعلق المحبة بالإله .

التالي السابق


الخدمات العلمية