الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              5077 644 \ 4912 - وعن أبي عياش رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، كان له عدل رقبة من ولد إسماعيل ، وكتب له عشر حسنات ، وحط عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي ، وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح .

                                                              قال في حديث حماد : "رأى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم ، فقال : يا رسول الله ، إن أبا عياش يحدث عنك بكذا وكذا ، قال : صدق أبو عياش "

                                                              [ ص: 400 ] قال أبو داود : رواه إسماعيل بن جعفر ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن ابن عائش .

                                                              وقال الخطيب: عند القاضي أبو عمر الهاشمي - يريد شيخه-: "عن ابن أبي عائش"، وكذا عند غيره.

                                                              وأخرجه النسائي وابن ماجه، وفي حديثهما: عن أبي عياش الزرقي. واسمه زيد بن الصامت، وقيل: غير ذلك.

                                                              وقال أبو أحمد الكرابيسي: "له صحبة" وذكر له هذا الحديث، وقال: "وليس حديثه من وجه صحيح" .

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: وقد أخرجا في "الصحيحين"، عن أبي أيوب [ ص: 401 ] الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات كان كمن أعتق عشرة أنفس من ولد إسماعيل .

                                                              وقال البخاري: رقبة من ولد إسماعيل رواه تعليقا.

                                                              وفي "الصحيحين"، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من ذلك، ومن قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة، حطت خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر .

                                                              فهذا الحديث يدل على أن كل رقبة يعدلها عشر مرات تهليلا، وهو يوافق رواية البخاري في الحديث الذي قبله.

                                                              وحديث أبي عياش يدل على أن كل مرة برقبة، ويوافقه حديث أبي أيوب الذي رواه مسلم، ولكن حديث أبي أيوب قد اختلف فيه البخاري ومسلم كما ذكرناه.

                                                              وحديث أبي هريرة صريح بأن المائة مرة تعدل عشر رقاب ولم يختلف فيه، فيترجح من هذا الوجه على خبر أبي أيوب، وتترجح رواية مسلم في حديث أبي أيوب [ ص: 402 ] بحديث أبي عياش المتقدم، فقد تقابل الترجيحان.

                                                              وقد يقال: خبر أبي عياش قد تكلم فيه، وأنه لا يصح، وخبر أبي أيوب قد اختلف في لفظه، وخبر أبي هريرة: صحيح لا علة فيه، ولا اختلاف، فوجب تقديمه، والله أعلم.

                                                              وقد روى الترمذي من حديث زيد بن أبي أنيسة، [عن شهر بن حوشب]، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي ذر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، كتبت له عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه، وحرس من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه ذلك اليوم إلا الشرك بالله ، قال : هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

                                                              وأما الحديث الذي رواه الترمذي في "جامعه"، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دخل السوق فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيي ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير، كتب له ألف ألف حسنة، ومحي عنه ألف ألف سيئة، ورفع له ألف ألف درجة " فهو حديث معلول لا يثبت مثله، وذكر له الترمذي طرقا:

                                                              [ ص: 403 ] أحدها: أحمد بن منيع: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا أزهر بن سنان، حدثنا محمد بن واسع قال: قدمت مكة فلقيني أخي سالم بن عبد الله بن عمر، فحدثني، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - فذكره " وقال هذا حديث غريب.

                                                              والثاني: رواه عمر بن دينار قهرمان آل الزبير، عن سالم نحوه. قال الترمذي: حدثنا أحمد بن عبدة، حدثنا حماد بن زيد، والمعتمر بن سليمان، قالا: حدثنا عمرو بن دينار - وهو قهرمان آل الزبير -، عن سالم، عن أبيه، عن جده وقال : "وبني له بيت في الجنة" ، ولم يقل : "ألف ألف درجة".

                                                              والثالث: رواه يحيى بن سليم الطائفي، عن عمران بن مسلم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر عمر. ذكره الترمذي تعليقا، عن يحيى.

                                                              فأما الطريق الأولى فهي أمثل طرقه، وأزهر بن سنان لا بأس به، وقد [ ص: 404 ] تكلم فيه بعض الأئمة، وقد ذكر حديثه هذا الحافظ أبو عبد الله المقدسي في "المختارة".

                                                              وأما [ق269] الطريق الثانية: ففيها عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير، قال البخاري في "التاريخ" فيه نظر.

                                                              وذكر هذا الإسناد بعينه، ولم يذكر له متنا فقال: قال موسى بن عبد الرحمن، حدثنا زيد بن خباب، حدثنا سعيد بن زيد، عن عمرو بن دينار مولى الأنصار، عن سالم، عن أبيه، عن عمر.

                                                              وقال الترمذي: تكلم فيه بعض أصحاب الحديث، وقد روى عن سالم أحاديث لا يتابع عليها.

                                                              وأما الطريق الثالثة: ففيها عمران بن مسلم، وليس هو عمران بن مسلم القصير، فإن ذاك من رجال الصحيح، وهذا منكر الحديث، قاله البخاري وغيره. وقد قيل: إنه القصير، والله أعلم.




                                                              الخدمات العلمية