الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              1648 90 \ 1583 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر، وهو يذكر الصدقة والتعفف منها والمسألة: اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا المنفقة، والسفلى السائلة .

                                                              [ ص: 274 ] وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي بهذا اللفظ: اليد العليا المنفقة، والسفلى السائلة .

                                                              وقد ذكر أبو داود عن أيوب: "العليا المتعففة"، وروي عن الحسن البصري: أن السفلى الممسكة المانعة . وقد ذكر في حديث مالك بن نضلة الذي بعده: "أن الأيدي ثلاثة" . وذهبت المتصوفة إلى أن اليد العليا هي الآخذة، لأنها نائبة عن يد الله تعالى، وما جاء في الحديث الصحيح من التفسير مع فهم المقصد من الحث على الصدقة أولى. فعلى التأويل الأول هي عليا بالصورة، وعلى الثاني عليا بالمعنى. وفي الحديث ندب إلى التعفف عن المسألة، وحض على معالي الأمور، وترك دنيها، وفيه أيضا حض على الصدقة.

                                                              قال أبو داود: اختلف على أيوب عن نافع في هذا الحديث، قال عبد الوارث: اليد العليا المتعففة ، وقال أكثرهم عن حماد بن زيد عن أيوب: اليد العليا المنفقة ، وقال غير واحد - يعني - عن حماد بن زيد: المتعففة.

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: وتفسير من فسر اليد العليا بالآخذة، باطل قطعا من وجوه:

                                                              أحدها: أن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لها بالمنفقة يدل على بطلانه.

                                                              [ ص: 275 ] الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أنها خير من اليد السفلى، ومعلوم بالضرورة أن العطاء خير وأفضل من الأخذ، فكيف تكون يد الآخذ أفضل من يد المعطي؟

                                                              الثالث: أن يد المعطي أعلى من يد السائل حسا ومعنى، وهذا معلوم بالضرورة.

                                                              الرابع: أن العطاء صفة كمال دال على الغنى والكرم والإحسان والمجد، والأخذ صفة نقص، مصدره عن الفقر والحاجة، فكيف تفضل يد صاحبه على يد المعطي؟ هذا عكس الفطرة والحس والشريعة، والله أعلم.




                                                              الخدمات العلمية