الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المبحث الثالث: الولي على الصغار من الأيتام، ونحوهم من القصر

        تحرير محل النزاع:

        أجمع العلماء أن الأب يقوم في مال ولده، وفي مصالحه إن كان أمينا.

        كما أجمع أهل العلم على أن للأب العاقل أن يوصي على ولده رجلا من المسلمين الأحرار العدول الأقوياء على النظر، واختلفوا فيمن هو الأولى بهذه الولاية بعد الأب على أقوال:

        القول الأول: أن لسائر العصبة ولاية بشرط العدالة.

        وهو رواية عن مالك، وبه قال ابن العربي، والقرطبي، وبعض الحنابلة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.

        [ ص: 252 ] قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «والولاية على الصبي والمجنون والسفيه تكون لسائر الأقارب، ومع الاستقامة لا يحتاج إلى الحاكم، إلا إذا امتنع من طاعة الولي.

        وتكون الولاية لغير الأب والجد والحاكم على اليتيم وغيره، وهو مذهب أبي حنيفة ومنصوص أحمد في الأم، وأما تخصيص الولاية بالأب والجد والحاكم، فضعيف جدا، والحاكم العاجز كالعدم».

        وقال المرداوي: «وقيل: لسائر العصبة ولاية أيضا، بشرط العدالة، اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله.

        القول الثاني: أن الولاية بعد الأب للوصي، ثم الحاكم، ولا ولاية للأم ولا لسائر العصبات.

        وهذا هو مذهب المالكية، والحنابلة، وزاد الحنابلة عند عدم الحاكم: أمين من المسلمين يرعى شؤونه.

        وعند المالكية كما جاء في الشرح الكبير أن العرف كالنص كما يقع كثيرا لأهل البوادي وغيرهم أن يموت الأب، ولا يوصي على أولاده، اعتمادا على أخ، أو عم أو جد، ويكفل الصغار من ذكر، فلهم البيع بشروطه، ويمضي ولا ينقض.

        وفي حاشية الدسوقي: قوله: «وغيرهم» أي: أهل القرى الذين لا يعرفون [ ص: 253 ] الإيصاء على أولادهم الصغار، وكل من مات عن صغار يعتمد في تربيتهم على أخ لهم كبير، أو أم، أو عم.

        القول الثالث: أن الولي بعد الأب وصيه، ثم وصي الوصي، ثم الجد، ثم وصيه، ثم وصي وصيه، ثم القاضي، ثم من نصبه القاضي، ولا ولاية لسائر العصبات في التصرف في المال، إلا قضاء الدين، والحفظ، وشراء ما لا بد منه لليتيم، من طعام ونحوه عند عدم وصي الأب، والجد، والقاضي، ومن نصبه القاضي.

        وهذا مذهب الحنفية.

        القول الرابع: أن الولي بعد الأب هو الجد، ثم الوصي، ثم الحاكم.

        وهذا مذهب الشافعية، وهو رواية عن أحمد.

        ولا ولاية لسائر العصبات.

        واستثنى الشافعية أن للعصبة الإنفاق من مال اليتيم في تأديبه، وتعليمه.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية