الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المبحث التاسع

        غرس الأشجار في المسجد، والأكل من ثمره

        وفيه مطالب:

        المطلب الأول

        حكمه

        الأشجار الموجودة داخل المساجد تنقسم إلى قسمين :

        القسم الأول : ما غرس ابتداء أي أن النخلة أو الشجرة غرست بعد أن صار مسجدا، وهذه اختلف العلماء فيها على قولين :

        القول الأول : يحرم غرس الشجر في المسجد.

        وبه قال الحنابلة.

        جاء في المغني: "ولا يجوز أن يغرس في المسجد شجرة، نص عليه أحمد.. " .

        وجاء في كشاف القناع: "ويحرم غرس شجرة في مسجد، فإن فعل بأن غرس قلعت الشجرة..." . [ ص: 270 ]

        وحجته :

        1- أنها غرست بغير حق .

        2- أن المساجد لم تبن إلا للعبادة، وغرس الأشجار فيها تعطيل لمنافعها الأصلية .

        3- أن الشجرة تؤذي المسجد، وتمنع المصلين من الصلاة في موضعها.

        4- أن ثمر وورق الأشجار يتساقط في المسجد، فيتسخ المسجد.

        5- تسقط عليها العصافير والطير فتبول في المسجد.

        6- أن الصبيان ربما اجتمعوا في المسجد من أجلها ، ورموها بالحجارة ليسقط ثمرها.

        القول الثاني: يكره غرس الشجر في المسجد .

        وبه قال الحنفية، والشافعية .

        جاء في الفتاوى الهندية : "ويكره غرس الشجر في المسجد .... إلا أن يكون فيه منفعة للمسجد بأن كانت الأرض نزة لا تستقر أساطينها فيغرس فيه الشجر ليقل النز".

        وجاء في المجموع: "يكره غرس الشجر في المسجد، ويكره حفر البئر فيه ... وللإمام قلع ما غرس فيه" . [ ص: 271 ]

        وحجته :

        استدل الحنفية والشافعية على كراهة غرس الشجر في المسجد: بما استدل به الحنابلة على تحريم غرس الشجر في المسجد، وبقوله صلى الله عليه وسلم : "ليس لعرق ظالم حق"، ولأن الظلم وضع الشيء في غير محله، وهذا كذلك .

        الترجيح :

        الراجح - والله أعلم - عدم غرس الأشجار في المسجد; لأنها إنما بنيت للعبادة كالصلاة وذكر الله وقراءة القرآن، وإحداث أي شيء فيها زيادة على ما أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه .

        القسم الثاني: أن توجد النخلة أو الشجرة في أرض، فيجعلها صاحبها مسجدا، والنخلة أو الشجرة فيها، وقد تفرد بذكر هذه المسألة الحنابلة فقالوا : لا بأس بذلك; وعللوا له بأن صاحب الأرض لما جعلها مسجدا والنخلة فيها ، فقد وقف الأرض والنخلة معها. [ ص: 272 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية