الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        الشرط الثالث: مطابقة القبول للإيجاب:

        صورة ذلك: أن يقول الواهب: وهبتك هذه الألف ريال، فقال [ ص: 94 ] الموهوب له: قبلت خمسمئة ريال، فاختلف العلماء - رحمهم الله - في حكم هذه الهبة على قولين:

        القول الأول: أنه لا تشترط مطابقة القبول للإيجاب فتصح الهبة.

        وبه قال بعض الشافعية.

        وتقدم في الشرط الأول: أن شيخ الإسلام رحمه الله يعلق الأمر بالعرف، فتنعقد الهبة بما دل عليه العرف.

        القول الثاني: اشتراط المطابقة بين القبول والإيجاب.

        وهو قول جمهور الفقهاء.

        الأدلة:

        دليل القول بعدم الاشتراط:

        1 - أن الهبة عقد تبرع لا معاوضة، فيغتفر فيه ما لا يغتفر في عقود المعاوضات.

        2 - تقدم دليل شيخ الإسلام رحمه الله - في الشرط الأول - على أن الهبة تنعقد بما دل عليه العرف.

        ودليل القول بالاشتراط: أن عقد الهبة ملحق بعقد البيع من حيث إن الهبة عقد مالي مثله، فأعطيت أحكامه، ومنها مطابقة القبول للإيجاب.

        ونوقش: قياس عقد الهبة على عقد البيع قياس مع الفارق، فالبيع عقد [ ص: 95 ] معاوضة صرف، أما الهبة فهو عقد إحسان صرف لا يقصد به تنمية المال، فاقتضت حكمة الشرع وحثه على الإحسان التوسعة فيه، ولهذا أجاز هبة المجهول، والمعدوم، وغير المقدور على تسليمه بخلاف البيع فيطلب فيه من التحرير ما لا يطلب في الهبة. والله أعلم.

        الترجيح:

        يترجح - والله أعلم - القول بعدم اشتراط موافقة القبول للإيجاب في عقد الهبة; وذلك لأن عقد الهبة من عقود التبرعات، فيتسامح فيه ما لا يتسامح في غيره، إلا إن كان هناك عرف يخالف ذلك.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية