الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وتقطعون السبيل يعني: سبيل الولد بإتيان الذكران، وقيل: كانوا يتلقون الناس في الطرق للفساد، وقيل: كانوا يقطعون الطريق؛ لأخذ الأموال.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وتأتون في ناديكم المنكر : قال جماعة من المفسرين: كانوا يضحكون من أهل الطريق، ويخذفونهم، روته أم هانئ عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 194 ] ابن عباس وغيره: كانوا يتضارطون في مجالسهم.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: كانوا يأتون الرجال في مجالسهم، و (النادي): المجلس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون قال قتادة: هي الحجارة التي أبقيت.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وعادا وثمود أي: وأهلكنا عادا وثمودا.

                                                                                                                                                                                                                                      الكسائي: هو معطوف على قوله: ولقد فتنا الذين من قبلهم [العنكبوت: 3].

                                                                                                                                                                                                                                      وكانوا مستبصرين أي: في الضلالة، وقيل: هو مثل قوله: وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا [النمل: 14]؛ فالمعنى: أنهم عرفوا الحق من الباطل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا يعني: قوم لوط.

                                                                                                                                                                                                                                      ومنهم من أخذته الصيحة يعني: ثمود، وأهل مدين.

                                                                                                                                                                                                                                      ومنهم من خسفنا به الأرض : قارون.

                                                                                                                                                                                                                                      ومنهم من أغرقنا : قوم نوح، وقوم فرعون.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا المعنى: أن المعبود من دون الله لا ينفع؛ لضعفه؛ كما أن بيت العنكبوت لا يقي، ولا يغني.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 195 ] وقوله: إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء : {ما}: بمعنى: (الذي)، و {من}: للتبعيض؛ والمعنى: يعلم ضعف ما تدعون من دونه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر :

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عمر: {الصلاة} ههنا: القرآن؛ والمعنى: أن الذي يتلى في الصلاة ينهى عن الزنا والمعاصي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولذكر الله أكبر قال ابن مسعود، وابن عباس، وغيرهما: المعنى: ولذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته، وهذا اختيار الطبري.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي: ولذكر العبد الله في الصلاة [أكبر من الصلاة].

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: ولذكركم الله أكبر من كل شيء؛ أي: أفضل من العبادات كلها بغير ذكر الله، روي معناه عن قتادة، وابن زيد، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      أم الدرداء قالت: إن صليت؛ فهو من ذكر الله، وإن صمت؛ فهو من ذكر الله، [وكل خير تعمله فهو من ذكر الله، وكل شيء تجتنبه لله فهو من [ ص: 196 ] ذكر الله].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون أي: لو كنت تقرأ الكتاب، وتكتب؛ ارتاب المبطلون، وقالوا: إنما يأتي به مما أخذه من الكتب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم أي: بل القرآن آيات بينات [في صدور الذين أوتوا العلم].

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة، والضحاك: المعنى: بل النبي صلى الله عليه وسلم آيات بينات.

                                                                                                                                                                                                                                      [وقيل: المعنى: بل العلم بأنه لا يقرأ ولا يكتب، آيات بينات] في صدور الذين أوتوا العلم، وهذا اختيار الطبري.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم : روي: أن سبب نزول هذا قوم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فيه خبر من أخبار الأمم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة يعني: أرض الدنيا؛ أي: إذا أمرتم بالمعاصي؛ فاهربوا، عن ابن جبير.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 197 ] مطرف ابن الشخير: المعنى: إن رزقي لكم واسع؛ فابتغوه في الأرض.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: هاجروا، واعتزلوا الأوثان.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: إن أرضي التي هي أرض الجنة واسعة، فاعبدوني حتى أورثكموها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لنبوئنهم من الجنة غرفا أي: لننزلنهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {لنثوينهم} ؛ فالمعنى: لنعطينهم غرفا يثوون فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وكأين من دابة لا تحمل رزقها : قال مجاهد: يعني: الطير والبهائم.

                                                                                                                                                                                                                                      سفيان: لا تحمل أي: لا تخبأ.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 198 ] وقيل: (الحمل) بمعنى: (الحمالة).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وإن الدار الآخرة لهي الحيوان : قال مجاهد: يعني: الجنة التي لا موت فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون : يجوز أن تكون اللام فيهما لام (كي)، ويجوز أن تكون لام الأمر؛ والمعنى: الوعيد، والتهديد.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية