الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وله الحمد في الآخرة : قيل: هو قوله تعالى: وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده [الزمر: 74]، [وقيل: هو قوله]: وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين [يونس: 10].

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 321 ] وقوله: يعلم ما يلج في الأرض أي: ما يدخل فيها من قطر وغيره، وما يخرج منها : من نبات وغيره، وما ينزل من السماء وما يعرج فيها : من الملائكة، قاله الحسن وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      [وقوله: لا يعزب عنه أي: لا يغيب].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ليجزي الذين آمنوا أي: لا يغيب عنه شيء؛ ليجزي المحسن والمسيء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: قل: بلى وربي لتأتينكم؛ ليجزي الذين آمنوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: أثبت ذلك في كتاب مبين؛ ليجزي الذين آمنوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق : قال قتادة، هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وغيره: هم المؤمنون من أهل الكتاب؛ كابن سلام ونظائره، وهذا معطوف على ليجزي، على ما تقدم من التقديرات فيه، ويجوز أن يكون مستأنفا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويهدي إلى صراط العزيز الحميد : ليس بمعطوف على ما تقدم؛ لأن الله تعالى لم يحص أعمال الخلق؛ ليهتدوا كلهم إلى صراط مستقيم، لكنه مستأنف؛ على تقدير؛ وهو يهدي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد [ ص: 322 ] أي: على رجل ينبئكم بالبعث إذا أكلتكم الأرض.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدير إعراب الآية مذكور في الإعراب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أفترى على الله كذبا أم به جنة : هذا مردود على ما تقدم من قول المشركين؛ والمعنى: قال المشركون: أفترى على الله كذبا أم به جنة؟

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض : أعلم الله تعالى أن الذي قدر على خلق السماوات والأرض وما فيهن قادر على البعث، وعلى تعجيل العقوبة لهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: أفلم يروا أن السماوات والأرض محيطتان بهم من كل جانب؟ إن يشأ الله يأمر الأرض؛ فتخسف بهم، أو السماء؛ فتسقط عليهم كسفا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إن في ذلك لآية لكل عبد منيب أي: تائب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يا جبال أوبي معه والطير أي: سبحي، عن ابن عباس وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: سيري معه حيث شاء؛ من (التأويب) الذي هو سير النهار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو من (التأويب) الذي معناه: الرجوع، ومبيت الرجل في منزله، وأصله: من سرعة رجع أيدي الإبل وأرجلها في السير الحثيث.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 323 ] وقيل: معناه: ترجيع التسبيح.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: {والطير}: قيل: معناه: وسخرنا له الطير، وقيل: هو معطوف على موضع يا جبال .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وألنا له الحديد : قال الحسن: صار في يده مثل العجين.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: كان يعمله بغير نار.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: أن اعمل سابغات أي: دروعا سابغات؛ يعني: تامات.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وقدر في السرد : قال ابن عباس وابن زيد: {السرد}: حلق الحديد.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: {السرد} المسامير التي في حلق الدروع، [اشتقاقه من المتابعة في حلق الدروع ومساميرها، ومنه: (سرد الكلام) ؛ للمتابعة بين حروفه.

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: المعنى: قدر المسامير في حلق الدروع]؛ حتى تكون بمقدار، لا تغلظ المسمار فيفصم الحلقة، ولا ترقه وتوسع الحلقة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر أي: وسخرنا لسليمان الريح، وكانت الريح تسير به إلى انتصاف النهار مسافة شهر، وتروح به إلى الليل مثل ذلك، قاله قتادة وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 324 ] وقوله: وأسلنا له عين القطر : {القطر}: النحاس، عن ابن عباس وغيره.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة: أسال له منها عينا يستعملها فيما يريد.

                                                                                                                                                                                                                                      الأعمش: كانت تسيل كما يسيل الماء، ولم يذب النحاس -فيما روي- لأحد قبله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ومن يزغ منهم عن أمرنا أي: يعدل عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية