الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء : مذهب مجاهد وغيره: أن الشهداء والصديقين المؤمنون، وأنه متصل، وروي معناه عن النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يوقف على هذا قوله: {الصديقون} ، ومعنى لهم أجرهم ونورهم : للمؤمنين أجر الشهداء ونورهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن ابن عباس، ومسروق، وغيرهما: أن الشهداء غير الصديقين؛ فـ {الشهداء} على هذا منفصل مما قبله، والوقف على قوله: {الصديقون} حسن؛ [ ص: 340 ] والمعنى: والشهداء عند ربهم لهم أجر أنفسهم، ونور أنفسهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: كمثل غيث أعجب الكفار نباته : {الكفار} ههنا: الزراع؛ لأنهم يغطون البذر، وقيل: عنى به الكفار بالله عز وجل، لأن الدنيا تعجبهم أكثر من المؤمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وفي الآخرة عذاب شديد أي: للكفار: والوقف عليه حسن، ويبتدأ: ومغفرة من الله ورضوان ؛ أي: للمؤمنين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها : الضمير في {نبرأها} عائد على (النفوس) ، أو {الأرض} ، أو (المصائب) ، أو على الجميع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم أي: أعلمكم الله أن الأمور قد فرغ منها، لكيلا تأسوا على ما فاتكم، ولا تفرحوا بما آتاكم.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: ليس من أحد إلا وهو يحزن ويفرح، ولكن المؤمن من يجعل مصيبته صبرا، وغنيمته شكرا.

                                                                                                                                                                                                                                      والحزن والفرح المنهي عنهما: هما اللذان يتعدى فيهما إلى ما لا يجوز.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأنـزلنا الحديد فيه بأس شديد يعني: السلاح، ومنافع للناس : قال مجاهد: جنة، وقيل: يعني: انتفاع الناس بالماعون من الحديد.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وليعلم الله من ينصره أي: أنزل الحديد؛ ليعلم من ينصره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم أي: على آثار الذرية، وقيل: على آثار نوح وإبراهيم، وجاء بلفظ الجمع.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 341 ] وقوله: وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة : هذا هو الوقف، ثم قال: ورهبانية ابتدعوها : [أي: وابتدعوا رهبانية]، و(الرهبانية) : من الرهبة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله يعني: أنه لم يفرضها عليهم، إنما ابتدعوها من أنفسهم، وقوله: إلا ابتغاء رضوان الله : استثناء منقطع، أو بدل من الهاء والألف في {كتبناها} .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فما رعوها حق رعايتها أي: ما قاموا بها حق القيام، وهذا خصوص، لأن الذين لم يرعوها بعض القوم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم أي: الذين رعوا ذلك الحق، وهذه الآية دالة على أن كل محدث بدعة؛ فينبغي لمن ابتدع خيرا أن يدوم عليه، ولا يعدل عنه إلى ضده فيدخل في الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يؤتكم كفلين من رحمته أي: مثلين من الأجر على إيمانكم بعيسى وبمحمد عليه الصلاة والسلام.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: أجر الدنيا، وأجر الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عمر: إن الكفلين ثلاث منه جزء، وستة وثلاثون جزءا من الرحمة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويجعل لكم نورا تمشون به : [أي: هدى، عن مجاهد، وقيل: نورا [ ص: 342 ] تمشون به] يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لئلا يعلم أهل الكتاب أي: ليعلم، و(لا) : صلة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية