الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1631 (باب لا زكاة على مسلم في عبده ولا فرسه)

                                                                                                                              وأورده النووي في: (كتاب الزكاة) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 55 ج 7 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ (عن أبي هريرة) (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة" .]

                                                                                                                              [ ص: 447 ] وفي رواية أخرى: " ليس في العبد صدقة، إلا صدقة الفطر "

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              قال النووي : هذا الحديث، أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها.

                                                                                                                              وأنه: لا زكاة في الخيل والرقيق، إذا لم تكن للتجارة.

                                                                                                                              وبهذا قال العلماء كافة: من السلف والخلف. إلا أن أبا حنيفة، وشيخه حمادا، ونفرا: أوجبوا في الخيل "إذا كانت إناثا. أو ذكورا وإناثا"، في كل فرس: دينارا. وإن شاء قومها، وأخرج عن كل مائتي درهم: خمسة دراهم.

                                                                                                                              قال: وليس لهم حجة في ذلك. وهذا الحديث، صريح في الرد عليهم. انتهى.

                                                                                                                              وأقول: أما حديث سمرة: (أنه كان صلى الله عليه وسلم، يأمرهم أن يخرجوا الصدقة من الرقيق الذي يعدونه للبيع) ، فهو وإن كان عند أبي داود، والطبراني، والدارقطني، والبزار. لكن لا تقوم بمثله الحجة، لما في إسناده من المجاهيل.

                                                                                                                              والحاصل: أنه لا دليل يدل على وجوب زكاة التجارة. والبراءة الأصلية مستصحبة، حتى يقوم دليل ينقل عنها.

                                                                                                                              [ ص: 448 ] وأما ما حكاه ابن المنذر من الإجماع على زكاة التجارة، فلا أدري كيف تجاسر على هذا؟

                                                                                                                              ولو سلمناه، لما قامت به حجة، إلا على من يقول بحجية الإجماع.

                                                                                                                              قال الشوكاني في (السيل الجرار) : والحاصل: أنه ليس في المقام ما تقوم به الحجة، وإن كان مذهب الجمهور، كما حكاه البيهقي في "سننه"، وأنه قال: إنه قول عامة أهل العلم والدين. انتهى.

                                                                                                                              قال المجد في (الصراط المستقيم) : ولم يكن من العادة النبوية، أخذ الزكاة من الخيل، والرقيق، والبغال، والحمر. والبقول، والبطيخ، والخيار، والعسل، والفواكه: التي لا تدخل المكيال، ولا تصلح للادخار.

                                                                                                                              إلا الرطب والعنب، فإنه كان يأخذ الزكاة منهما، لا يفرق بين الرطب واليابس. انتهى.

                                                                                                                              قلت: وكذلك؛ ليس على وجوب الزكاة في الجواهر: كاللؤلؤ، والياقوت، والزمرد، وكل حجر نفيس: أثارة من علم قط.

                                                                                                                              وأما الاستدلال مثل قوله تعالى: خذ من أموالهم صدقة ؛ فالمراد (على تسليم تناوله للزكاة) : الأخذ من الأشياء، التي ورد الشرع بأن فيها الزكاة. وإلا لزم أن يأخذ من كل مال، ولو غير زكوي. واللازم باطل، فالملزوم مثله.

                                                                                                                              ثم لا يخفاك، أن الآية في سياق توبة التائبين، عن التخلف في تبوك.

                                                                                                                              [ ص: 449 ] وليس المأخوذ منهم، إلا صدقة النفل لا الزكاة، بلا خلاف.

                                                                                                                              وكذلك المستغلات، فإن إيجاب الزكاة فيها: مسألة لم تطن على أذن الزمن. ولا سمع بها أهل القرن الأول، الذين هم خير القرون. ولا القرن الذي يليه. ثم الذي يليه.

                                                                                                                              ولا يوجد عليها أثارة من علم إلا من كتاب، ولا من سنة، ولا من قياس.

                                                                                                                              وقد عرفناك: أن أموال المسلمين معصومة بعصمة الإسلام، ولا يحل أخذها إلا بحقها. وإلا كان ذلك، من أكل أموال الناس بالباطل.

                                                                                                                              وهذا القدر يكفيك في هذه المسألة، في هذا المقام.

                                                                                                                              وإن شئت زيادة الاطلاع عليها، فعليك (بالروضة الندية) .

                                                                                                                              والمستغلات: هي (كالدور) التي يكريها مالكها، وكذلك الدواب، ونحوها.




                                                                                                                              الخدمات العلمية