الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              129 [ ص: 208 ] (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي في الباب المتقدم.

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 82- 83 ج 2 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا السبع الموبقات» قيل: يا رسول الله ! وما هن؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              [عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا السبع الموبقات] أي: المهلكات. يقال «وبق الرجل» بفتح الباء «يبق» بكسرها ووبق. بضم الواو وكسر الباء، يوبق: إذا هلك. «وأوبق غيره» ، أي: أهلكه.

                                                                                                                              وإنما وقع الاقتصار على هذه السبع، وفي الرواية الأخرى على ثلاث، وفي الأخرى «أربع» ، لكونها من أفحش الكبائر، مع كثرة وقوعها.

                                                                                                                              لاسيما في ما كانت عليه الجاهلية.

                                                                                                                              ولم يذكر في بعضها ما ذكر في الأخرى، وهذا مصرح بأن المراد البعض.

                                                                                                                              [ ص: 209 ] وقد جاء بعد هذا من الكبائر: «شتم الرجل والديه» .

                                                                                                                              وجاء في النميمة، وعدم الاستبراء من البول أنهما من الكبائر.

                                                                                                                              وجاء في غير صحيح مسلم: من الكبائر «اليمين الغموس، واستحلال بيت الله الحرام» .

                                                                                                                              «قيل: يا رسول الله: وما هن؟ قال: الشرك بالله» ، أي: أن أكبر المعاصي: «الشرك» . وهذا ظاهر لا خفاء فيه. «والسحر» مذهب الجمهور أن السحر حرام؛ من الكبائر فعله وتعلمه وتعليمه.

                                                                                                                              «وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق» ، قال تعالى: ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق .

                                                                                                                              أي: النفس التي هي معصومة في الأصل إلا محقين في قتلها.

                                                                                                                              قال الشافعية: إن أكبر الكبائر بعد الشرك، «القتل» ، وكذا نص عليه الشافعي.

                                                                                                                              وأما ما سواهما من «الزنا، واللواط، وعقوق الوالدين، والسحر، وقذف المحصنات، والفرار يوم الزحف، وأكل الربا. وغير ذلك من الكبائر فله تفاصيل وأحكام تعرف بها مراتبها. ويختلف أمرها باختلاف الأحوال والمفاسد المرتبة عليها. وعلى هذا يقال: في كل واحدة واحدة منها هي من أكبر الكبائر.

                                                                                                                              [ ص: 210 ] (وأكل مال اليتيم، وأكل الربا والتولي يوم الزحف ) .

                                                                                                                              وهذا دليل صريح لمذهب أهل العلم كافة، إلا ما حكي عن الحسن البصري أنه قال: ليس هو من الكبائر. والآية الكريمة إنما وردت في «أهل بدر» خاصة.

                                                                                                                              قال النووي: والصواب ما قاله الجمهور؛ أنه عام باق انتهى.

                                                                                                                              لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

                                                                                                                              (وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ) ، والمراد «بالمحصنات» هنا «العفائف» ، «وبالغافلات» : «الغافلات عن الفواحش، وما قذفن به» .

                                                                                                                              وقد ورد «الإحصان» في الشرع على خمسة أقسام: العفة، والإسلام، والنكاح، والتزويج، والحرية.

                                                                                                                              قال النووي: وقد بينت مواطنه. وشرائطه، وشواهده، في كتاب «تهذيب الأسماء واللغات» والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية