الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              1894 باب ترك صوم يوم عرفة للحاج

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب استحباب الفطر للحاج بعرفات، يوم عرفة ).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 2 ج 8 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أم الفضل بنت الحارث، أن ناسا تماروا عندها (يوم عرفة في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم: هو صائم. وقال بعضهم: ليس بصائم. فأرسلت إليه بقدح لبن، وهو واقف على بعيره (بعرفة ) فشربه. ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              مذهب الشافعي، ومالك، وأبي حنيفة، وجمهور العلماء: استحباب فطر يوم عرفة ( بعرفة ) للحاج.

                                                                                                                              [ ص: 136 ] وحكاه ابن المنذر: عن أبي بكر الصديق، وعمر، وعثمان، وابن عمر، والثوري.

                                                                                                                              قال: وكان ابن الزبير، وعائشة، يصومانه.

                                                                                                                              وروي عن عمر، وعثمان بن أبي العاص.

                                                                                                                              وكان إسحاق يميل إليه.

                                                                                                                              وكان عطاء يصومه في الشتاء، دون الصيف.

                                                                                                                              وقال قتادة: لا بأس به، إذا لم يضعف عن الدعاء.

                                                                                                                              واحتج الجمهور بفطر النبي صلى الله عليه وسلم فيه، ولأنه أرفق بالحاج في آداب الوقوف، ومهمات المناسك.

                                                                                                                              واحتج الآخرون بالأحاديث المطلقة: ( أن صوم عرفة، كفارة سنتين ) وحمله الجمهور على من ليس هناك.

                                                                                                                              هذا كلام النووي.

                                                                                                                              وقال شيخنا وبركتنا، في ( وبل الغمام ): ظاهر حديث أبي قتادة: استحباب صوم يوم عرفة.

                                                                                                                              وظاهر حديث عقبة بن عامر: " يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا - أهل الإسلام - وهي أيام أكل وشرب ".

                                                                                                                              [ ص: 137 ] أخرجه أحمد، وأهل السنن. وصححه الترمذي: أنه لا يشرع صومه مطلقا.

                                                                                                                              وظاهر حديث أبي هريرة: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفات )، أخرجه أحمد، وابن ماجه، وأبو داود، والنسائي، والحاكم، وابن خزيمة، وصححاه: أنه يكره صومه للحاج فقط.

                                                                                                                              لاشتغاله بأعمال الحج.

                                                                                                                              وفي إسناده: ( مهدي الهجري ). وهو مجهول. قال العقيلي: لا يتابع عليه.

                                                                                                                              .

                                                                                                                              ولكنه يؤيده: ( أنه صلى الله عليه وسلم لم يصم "يوم عرفة "، في عرفة ). والجمع بين حديث أبي قتادة، وحديث أبي هريرة، ممكن.

                                                                                                                              لأن حديث أبي هريرة، إنما خص الحاج. فيبقى ما عداه داخلا تحت عموم حديث أبي قتادة.

                                                                                                                              وأما الجمع بين حديث عقبة، وأبي قتادة، فمشكل.

                                                                                                                              وما ذكره صاحب "شفاء الأوام " ؛ من أنه محمول على نفي الوجوب: فجمع حسن.

                                                                                                                              [ ص: 138 ] واقترانه بيومي العيد وأيام التشريق، لا يوجب أن يكون حكم الجميع واحدا.

                                                                                                                              لأن دلالة الاقتران، لا تقوى على ذلك، كما تقرر في الأصول.

                                                                                                                              قال: وحكي في (الفتح ) عن الجمهور: استحباب إفطاره للمشتغل بأعمال الحج. انتهى.

                                                                                                                              قال النووي : وفي حديث الباب فوائد:

                                                                                                                              ( منها ): استحباب الفطر للواقف بعرفة.

                                                                                                                              (ومنها ): استحباب الوقوف راكبا. وهو الصحيح في مذهبنا.

                                                                                                                              ولنا قول: إن غير الركوب أفضل. وقيل: إنهما سواء.

                                                                                                                              ( ومنها ): جواز الشرب قائما وراكبا.

                                                                                                                              (ومنها ): إباحة الهدية للنبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                              ( ومنها ): إباحة قبول هدية المرأة المزوجة، الموثوق بدينها.

                                                                                                                              ولا يشترط أن يسأل: هل هو من مالها، أم من مال زوجها ؟ وأنه أذن فيه أم لا؟ إذا كانت موثوقا بدينها.

                                                                                                                              (ومنها ): أن تصرف المرأة في مالها جائز.

                                                                                                                              ولا يشترط إذن الزوج. سواء تصرفت في الثلث أو أكثر.

                                                                                                                              قال: هذا مذهبنا، ومذهب الجمهور.

                                                                                                                              [ ص: 139 ] وقال مالك: لا تتصرف فيما فوق الثلث، إلا بإذنه.

                                                                                                                              وموضع الدلالة من الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم لم يسأل: هل هو من مالها ؟ وتخرج من الثلث ؟ أو بإذن الزوج أم لا؟

                                                                                                                              ولو اختلف الحكم لسأل. انتهى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية