الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2626 [ ص: 467 ] باب تحريم الربيبة وأخت المرأة

                                                                                                                              وأورده النووي في : (كتاب الرضاع) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 25 - 26 ج 10 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أم حبيبة بنت أبي سفيان، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: هل لك في أختي، بنت أبي سفيان؟ فقال: "أفعل ماذا ؟" قلت: تنكحها قال. " أو تحبين ذلك؟". قلت: لست لك بمخلية. وأحب من شركني في الخير: أختي. قال: "فإنها لا تحل لي". قلت: فإني أخبرت: أنك تخطب درة بنت أبي سلمة. قال: "بنت أم سلمة ؟". قلت: نعم. قال: "لو أنها لم تكن ربيبتي، في حجري: ما حلت لي. إنها ابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأباها ثويبة. فلا تعرضن علي بناتكن، ولا أخواتكن".].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أم حبيبة بنت أبي سفيان " رضي الله عنهما "، قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقلت له : هل لك في أختي ، بنت أبي سفيان ؟ فقال : " أفعل ماذا ؟" قلت : تنكحها . قال : " أو تحبين ذلك ؟". قلت : لست لك بمخلية . وأحب من شركني [ ص: 468 ] في الخير أختي) . بفتح الشين وكسر الراء . أي : أحب من شاركني فيك ، وفي صحبتك ، والانتفاع منك بخيرات الآخرة والدنيا.

                                                                                                                              (قال : " فإنها لا تحل لي " . قلت : فإني أخبرت : أنك تخطب درة (بضم الدال وتشديد الراء . وهذا لا خلاف فيه.

                                                                                                                              وأما ما حكاه عياض : " ذرة " بالذال المعجمة ، فتصحيف لا شك فيه .

                                                                                                                              قاله النووي .

                                                                                                                              (بنت أبي سلمة . قال : " بنت أم سلمة ؟" ، قلت : نعم .) هذا سؤال استثبات ، ونفي احتمال إرادة غيرها .

                                                                                                                              (قال : "لو أنها لم تكن ربيبتي ، في حجري : ما حلت لي . إنها ابنة أخي من الرضاعة ") . أي : أنها حرام علي بسببين ; كونها ربيبة . وكونها بنت أخي . فلو فقد أحد السببين ، حرمت بالآخر .

                                                                                                                              قال النووي : الربيبة : بنت الزوجة . مشتقة من : "الرب " وهو الإصلاح . لأنه يقوم بأمورها ، ويصلح أحوالها .

                                                                                                                              قال : ووقع في بعض كتب الفقه : أنها مشتقة من "التربية" ، وهذا غلط فاحش . فإن من شرط الاشتقاق : الاتفاق في الحروف الأصلية .

                                                                                                                              ولام الكلمة وهو الحرف الأخير : مختلف . فإن آخر "رب" : باء موحدة . وفي آخر "ربى " : ياء تحتية.

                                                                                                                              والحجر : بفتح الحاء وكسرها . وفيه : حجة لداود الظاهري : أن الربيبة : لا تحرم إلا إذا كانت في حجر زوج أمها . فإن لم تكن في [ ص: 469 ] حجره : فهي حلال له . وهو موافق لظاهر قوله تعالى : ( وربائبكم اللاتي في حجوركم .

                                                                                                                              قال : ومذهب العلماء كافة (سوى داود) : أنها حرام ، سواء كانت في حجره أم لا. قالوا : والتقييد : إذا خرج على سبب ، لكونه الغالب : لم يكن له مفهوم يعمل به . فلا يقصر الحكم عليه .

                                                                                                                              ونظيره : قوله تعالى : ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ) ومعلوم : أنه يحرم قتلهم بغير ذلك أيضا . لكن خرج التقييد بالإملاق : لأنه الغالب . وقوله تعالى : ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا ) ونظائره في القرآن كثيرة .

                                                                                                                              (أرضعتني وأباها ثويبة) أي : أرضعت أنا ، وأبوها "أبو سلمة " : من " ثويبة " بالتصغير : هي مولاة لأبي لهب . ارتضع منها " صلى الله عليه وآله وسلم) ، قبل "حليمة " السعدية.

                                                                                                                              (فلا تعرضن علي : بناتكن ، ولا أخواتكن) . إشارة إلى أخت أم حبيبة ، وبنت أم سلمة .

                                                                                                                              واسم أختها هذه : "عزة " بفتح العين . وقد سماها في الرواية الأخرى.

                                                                                                                              وهذا : محمول على أنها ، لم تعلم حينئذ : تحريم الجمع بين [ ص: 470 ] الأختين . وكذا لم تعلم من عرض بنت أم سلمة : تحريم الربيبة. وكذا لم تعلم من عرض بنت حمزة : تحريم بنت الأخ من الرضاعة . أو لم تعلم : أن حمزة : أخ له من الرضاعة .




                                                                                                                              الخدمات العلمية