الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3523 باب في قوله تعالى: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

                                                                                                                              وهو في النووي في: (باب ثبوت الجنة للشهيد) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 47 - 48 جـ 13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن ثابت ، قال: قال أنس : عمي الذي سميت به، لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا . قال: فشق عليه، قال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غيبت عنه. وإن أراني الله مشهدا فيما بعد، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليراني الله ما أصنع. قال: فهاب أن يقول غيرها. قال: فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد .

                                                                                                                              قال: فاستقبل سعد بن معاذ . فقال له أنس : يا أبا عمرو ، أين؟ فقال: واها لريح الجنة. أجده دون أحد . قال: فقاتلهم حتى قتل. قال: فوجد في جسده بضع وثمانون؛ من بين ضربة، وطعنة، [ ص: 501 ] ورمية. قال: فقالت أخته (عمتي الربيع بنت النضر ): فما عرفت أخي إلا ببنانه. ونزلت هذه الآية: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا قال: فكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه
                                                                                                                              ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن ثابت، قال: قال أنس) رضي الله عنه؛ (عمي الذي سميت به؛ لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم بدرا. قال: فشق عليه، قال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، غيبت عنه. وإن أراني الله " عز وجل " مشهدا فيما بعد، مع رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، ليراني الله "تعالى " ما أصنع) . هكذا هو في أكثر النسخ: " ليراني" بالألف. وهو صحيح. ويكون " ما أصنع ": بدلا من الضمير في "ليراني ". أي: ليرى الله ما أصنع.

                                                                                                                              ووقع في بعض النسخ " ليرين الله " بياء بعد الراء. ثم نون مشددة.

                                                                                                                              وهكذا وقع في صحيح البخاري. وعلى هذا، ضبطوه بوجهين؛ أحدهما: "ليرين، بفتح الياء والراء. أي: يراه الله واقعا بارزا.

                                                                                                                              والثاني: " ليرين " بضم الياء وكسر الراء. معناه: ليرين الله الناس ما أصنعه، ويبرزه الله تعالى لهم.

                                                                                                                              [ ص: 502 ] (قال: فهاب أن يقول غيرها) معناه: أنه اقتصر على هذه اللفظة المبهمة. أي: قوله: "ليرين الله ما أصنع "، مخافة أن يعاهد الله على غيرها، فيعجز عنه. أو تضعف بنيته عنه. أو نحو ذلك. وليكون إبراء له من الحول والقوة.

                                                                                                                              (قال: فشهد مع رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم " يوم أحد ". فاستقبل سعد بن معاذ. فقال له أنس: يا أبا عمرو ! أين ؟ فقال: واها لريح الجنة. أجده دون أحد) .

                                                                                                                              "واها ": كلمة تحنن وتلهف. وهذا محمول على ظاهره. وأن الله تعالى أوجده ريحها من موضع المعركة. وقد ثبتت الأحاديث: أن ريحها توجد من مسيرة " خمسمائة عام ".

                                                                                                                              (قال: فقاتلهم حتى قتل. قال: فوجد في جسده بضع وثمانون؛ من بين ضربة، وطعنة، ورمية. قال: فقالت أخته: " عمتي الربيع بنت النضر: فما عرفت أخي، إلا ببنانه. ونزلت هذه الآية: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا قال: فكانوا يرون أنها نزلت فيه، وفي أصحابه) .

                                                                                                                              فيه: ثبوت الجنة للشهيد. وأن صدق المعاهدة، يستحق صاحبه الثناء عليه.

                                                                                                                              [ ص: 503 ] وفيه: أن تبديل المعاهدة، لم يقع من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والآية رادة على الرافضة بإشارة النص. والله أعلم.

                                                                                                                              والعبرة " بعموم اللفظ "، لا بخصوص السبب.




                                                                                                                              الخدمات العلمية