الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4233 باب منه

                                                                                                                              وقال النووي: ( باب شفقته، صلى الله عليه وآله وسلم على أمته، ومبالغته في تحذيرهم مما يضرهم).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 48، 49، جـ15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه، فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاء، فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا فانطلقوا على مهلتهم، وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق"].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي موسى) رضي الله عنه (عن النبي، صلى الله عليه) وآله (وسلم; قال: إن مثلي ومثل ما بعثني الله به; كمثل رجل أتى قومه، فقال: يا قوم! إني قد رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان). قال أهل العلم: أصله: أن الرجل إذا أراد إنذار قومه [ ص: 499 ] وإعلامهم بما يوجب المخافة: نزع ثوبه، وأشار به إليهم، إذا كان بعيدا منهم؛ ليخبرهم بما دهمهم. وأكثر ما يفعل هذا "ربيئة القوم": وهو طليعتهم ورقيبهم. قالوا: وإنما يفعل ذلك; لأنه أبين للناظر، وأغرب وأشنع منظرا، فهو أبلغ في استحثاثهم في التأهب للعدو.

                                                                                                                              وقيل: معناه: أنا النذير، الذي أدركني جيش العدو، فأخذ ثيابي، فأنا أنذركم عريانا.

                                                                                                                              (فالنجاء)! ممدود. أي: انجوا النجاء. أو اطلبوا النجاء. قال عياض: المعروف في "النجاء" إذا أفرد: المد. وحكى أبو زيد فيه: القصر أيضا. فأما إذا كرروه، فقالوا: "النجا النجا" ففيه المد والقصر معا.

                                                                                                                              (فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا) بإسكان الدال. ومعناه: ساروا من أول الليل. يقال: "أدلجت" بإسكان الدال "إدلاجا" كأكرمت إكراما. والاسم: "الدلجة" بفتح الدال. فإن خرجت من آخر الليل، قلت: "ادلجت" بتشديد الدال. "أدلج ادلاجا": بالتشديد أيضا. والاسم: "الدلجة" بضم الدال. قال ابن قتيبة وغيره: ومنهم من يجوز الوجهين في كل واحد منهما.

                                                                                                                              (فانطلقوا على مهلتهم) هكذا هو في جميع نسخ مسلم: بضم الميم، وإسكان الهاء، وبتاء بعد اللام. وفي "الجمع بين [ ص: 500 ] الصحيحين": "مهلهم" بحذف التاء، وفتح الميم والهاء. قال النووي: وهما صحيحان.

                                                                                                                              (وكذبت طائفة منهم: فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش، فأهلكهم واجتاحهم) أي: استأصلهم.

                                                                                                                              (فذلك مثل من أطاعني، واتبع ما جئت به. ومثل من عصاني، وكذب ما جئت به من الحق).

                                                                                                                              فيه: أن الطائع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في كل ما جاء به من عند الله: ناج. وأن عاصيه: هالك. وقد قال تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا والآيات الكريمات في هذا المعنى: كثيرة طيبة، جدا. تدل بمنطوقها: على وجوب الطاعة والاتباع، والنهي عن التقليد والابتداع.




                                                                                                                              الخدمات العلمية