الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4346 [ ص: 29 ] باب: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أعلمهم بالله، وأشدهم له خشية

                                                                                                                              وقال النووي: ( باب علمه، "صلى الله عليه وآله وسلم": بالله تعالى، وشدة خشيته).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي، ص106، 107 جـ 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عائشة قالت رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر فتنزه عنه ناس من الناس، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب حتى بان الغضب في وجهه، ثم قال "ما بال أقوام يرغبون عما رخص لي فيه؛ فوالله لأنا أعلمهم بالله وأشدهم له خشية" ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عائشة) رضي الله عنها؛ (قالت: رخص رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: في أمر، فتنزه عنه ناس من الناس).

                                                                                                                              وفي رواية: "صنع رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: أمرا، فترخص فيه)، فبلغ ذلك ناسا من أصحابه، فكأنهم: كرهوه وتنزهوا عنه". (فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم: فغضب، حتى بان الغضب في وجهه).

                                                                                                                              وفي رواية أخرى: "فبلغه ذلك، فقام خطيبا". ثم (قال).

                                                                                                                              [ ص: 30 ] وفي لفظ: "فقال:"(ما بال أقوام؛ يرغبون عما رخص لي فيه؟).

                                                                                                                              وفي رواية أخرى: "ما بال رجال؛ بلغهم عني أمر ترخصت فيه، فكرهوا وتنزهوا عنه". (فوالله! لأنا أعلمهم بالله، وأشدهم له خشية).

                                                                                                                              فيه: الحث على الاقتداء به، صلى الله عليه وآله وسلم. والنهي عن التعمق في العبادة، وذم التنزه عن المباح؛ شكا في إباحته.

                                                                                                                              وفيه: الغضب عند انتهاك حرمات الشرع؛ وإن كان المنتهك متأولا، تأويلا باطلا.

                                                                                                                              وفيه: حسن المعاشرة؛ بإرسال التعزير والإنكار في الجمع، ولا يعين فاعله. فيقال: "ما بال أقوام"، ونحوه.

                                                                                                                              وفيه: أن القرب إلى الله تعالى؛ سبب لزيادة العلم به، وشدة خشيته.

                                                                                                                              قال النووي: والمعنى؛ أنهم يتوهمون: أن سننهم عما فعلت؛ أقرب لهم عند الله. وإن فعل خلاف ذلك. وليس كما توهموا: بل أنا أعلمهم بالله، وأشدهم له خشية. وإنما يكون القرب إليه سبحانه وتعالى، والخشية له: على حسب ما أمر، لا بمخيلات النفوس، [ ص: 31 ] وتكلف أعمال لم يأمر بها. والله أعلم. انتهى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية