الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4242 باب قول النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: أنا فرطكم على الحوض

                                                                                                                              وقال النووي: ( باب إثبات حوض نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، وصفاته).

                                                                                                                              [ ص: 35 ] (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي، ص 53 جـ 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن جندب رضي الله عنه؛ يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول أنا فرطكم على الحوض ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              قال أهل اللغة: "الفرط": بفتح الفاء والراء. "والفارط": هو الذي يتقدم الواردة؛ ليصلح لهم الحياض والدلاء، ونحوها: من أمور الاستقاء. فمعنى "فرطكم على الحوض": سابقكم إليه؛ كالمهيئ له.

                                                                                                                              قال في المطالع: هو في هذه الأحاديث: الثواب، والشفاعة. والنبي، صلى الله عليه وآله وسلم؛ يتقدم أمته: ليشفع لهم.

                                                                                                                              قال عياض: أحاديث الحوض صحيحة. والإيمان به فرض. والتصديق به من الإيمان. وهو على ظاهره، عند أهل السنة والجماعة، لا يتأول ولا يختلف فيه.

                                                                                                                              [ ص: 36 ] قال: وحديثه متواتر النقل؛ رواه خلائق من الصحابة، وذكره مسلم: من رواية ابن عمرو بن العاص، وعائشة، وأم سلمة، وعقبة بن عامر، وابن مسعود، وحذيفة، وحارثة بن وهب، والمستورد، وأبي ذر، وثوبان، وأنس، وجابر بن سمرة.

                                                                                                                              ورواه غير مسلم: من رواية أبي بكر الصديق، وزيد بن أرقم، وأبي أمامة، وعبد الله بن زيد، وأبي برزة، وسويد بن جبلة، وعبد الله بن الصنابحي، والبراء بن عازب، وأسماء بنت أبي بكر، وخولة بنت قيس، وغيرهم. انتهى.

                                                                                                                              قال النووي: ورواه البخاري، ومسلم؛ أيضا: من رواية أبي هريرة. ورواه غيرهما: من رواية عمر بن الخطاب، وعائذ بن عمرو، وآخرين. وقد جمع ذلك كله: الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي؛ في كتابه: "البعث والنشور"؛ بأسانيده، وطرقه المتكاثرات. قال عياض: وفي بعض هذا؛ ما يقتضي كون الحديث: متواترا. انتهى.

                                                                                                                              قلت: قال الجوهري في الصحاح: "الحوض": واحد الأحواض، والحياض. وحضت أحوض: اتخذت حوضا. "واستحوض الماء": اجتمع. "والمحوض" بالتشديد: شيء كالحوض، يجعل للنخلة تشرب منه.

                                                                                                                              [ ص: 37 ] قال ابن قرقول: "الحوض": حيث يستقر المياه. أي: تجتمع؛ لتشرب منه الإبل.

                                                                                                                              قال القرطبي في تذكرته: "الحوض" يكون في الموقف، قبل الصراط. وبه قال أبو الحسن القابسي.

                                                                                                                              وقال آخرون: إنه بعد الصراط. وصنيع البخاري في صحيحه؛ مشعر بذلك.

                                                                                                                              وأما أن له، صلى الله عليه وآله وسلم: "حوضين"؛ أحدهما: قبله. والآخر: داخل الجنة. وكلاهما يسمى "كوثر": فمتعقب؛ بأن "الكوثر": نهر داخل الجنة. وماؤه يصب في الحوض. ويطلق على الحوض: "كوثر": لكونه يمد منه.

                                                                                                                              وعلى الجملة؛ ففي حديث الباب هذا: بشارة عظيمة، لهذه الأمة المرحومة، زادها الله شرفا، وكثرها سوادا.




                                                                                                                              الخدمات العلمية