الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4248 (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي، في: (الباب الذي تقدم).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي، ص 57 جـ 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر، فقال إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي [ ص: 61 ] الآن وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخاف عليكم أن تتنافسوا فيها ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عقبة بن عامر رضي الله عنه؛ (أن رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ خرج يوما، فصلى على أهل أحد: صلاته على الميت. ثم انصرف إلى المنبر، فقال: إني فرط لكم. وأنا شهيد عليكم. وإني، والله لأنظر إلى حوضي الآن). هذا تصريح بأن الحوض حوض حقيقي، على ظاهره. وأنه مخلوق، موجود اليوم. وفيه: جواز الحلف من غير استحلاف، لتفخيم الشيء وتوكيده.

                                                                                                                              وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض، -أو مفاتيح الأرض-). هكذا هو في جميع النسخ: "مفاتيح" في اللفظين: بالياء. قال عياض: وروي "مفاتح" بحذفها. فمن أثبتها: فهو جمع "مفتاح". ومن حذفها: فجمع "مفتح". وهما لغتان فيه.

                                                                                                                              (وإني والله! ما أخاف عليكم: أن تشركوا بعدي. ولكني أخاف عليكم: أن تنافسوا فيها).

                                                                                                                              قال النووي: وفي هذا الحديث: معجزات لرسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم. فإن معناه: الإخبار بأن أمته: تملك خزائن الأرض، وقد وقع ذلك.

                                                                                                                              وأنها: لا ترتد جملة، وقد عصمها الله تعالى من ذلك.

                                                                                                                              [ ص: 62 ] وأنها: تتنافس في الدنيا، وقد وقع كل ذلك. انتهى.

                                                                                                                              قلت: وفي رواية أخرى، عنه عند مسلم، بلفظ: "صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: على قتلى أحد، ثم صعد المنبر، كالمودع للأحياء والأموات، فقال: إني فرطكم على الحوض. وإن عرضه، كما بين أيلة إلى الجحفة. إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي: ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها، وتقتتلوا، فتهلكوا، كما هلك من كان قبلكم".

                                                                                                                              قال عقبة: فكانت آخر ما رأيت رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، على المنبر.

                                                                                                                              قال النووي: معناه: خرج إلى قتلى أحد، ودعا لهم دعاء مودع، ثم دخل المدينة، فصعد المنبر، فخطب الأحياء: خطبة مودع. كما قال النواس بن السمعان: قلنا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودع".

                                                                                                                              وفيه: معنى المعجزة. انتهى.

                                                                                                                              وفيه: بيان قدر مسافة الحوض. والروايات اختلفت في ذلك.




                                                                                                                              الخدمات العلمية