الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4546 باب في فضل أبي هريرة الدوسي، رضي الله عنه

                                                                                                                              ولفظ النووي: (باب من فضائله).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 51، 52 ج 16، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي كثير "يزيد بن عبد الرحمن" حدثني أبو هريرة، قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام، وهي مشركة. فدعوتها -يوما- فأسمعتني في رسول الله، صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأنا أبكي. قلت: يا رسول الله! إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام، فتأبى علي. فدعوتها اليوم، فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "اللهم! اهد أم أبي هريرة" فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله، صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                              فلما جئت، فصرت إلى الباب، فإذا هو مجاف. فسمعت أمي خشف قدمي، فقالت: مكانك. يا أبا هريرة! وسمعت خضخضة الماء. قال: فاغتسلت، ولبست درعها، وعجلت عن خمارها. ففتحت الباب، فقالت: يا أبا هريرة! أشهد: أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده [ ص: 611 ] ورسوله. قال: فرجعت إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأتيته وأنا أبكي من الفرح. قال: فقلت: يا رسول الله! أبشر، قد استجاب الله دعوتك، وهدى أم أبي هريرة. فحمد الله، وأثنى عليه، وقال خيرا.

                                                                                                                              قال: قلت: يا رسول الله! ادع الله: أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا. قال: فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "اللهم! حبب عبيدك هذا -يعني أبا هريرة- وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين". فما خلق مؤمن يسمع بي، ولا يراني إلا أحبني).


                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛ قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام، وهي مشركة. فدعوتها -يوما- فأسمعتني في رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم ما أكره. فأتيت رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، وأنا أبكي. قلت: يا رسول الله! إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام، فتأبى علي. فدعوتها اليوم، فأسمعتني فيك ما أكره. فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة. فقال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "اللهم! اهد أم أبي هريرة". فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم. فلما جئت، فصرت إلى الباب، فإذا هو مجاف) أي: مغلق. (فسمعت أمي خشفة قدمي) أي: صوتهما [ ص: 612 ] في الأرض، (فقالت: مكانك. يا أبا هريرة! وسمعت خضخضة الماء) أي: صوت تحريكه.

                                                                                                                              (قال: فاغتسلت، ولبست درعها، وعجلت عن خمارها. ففتحت الباب، ثم قالت: يا أبا هريرة! أشهد: أن لا إله إلا الله، وأشهد: أن محمدا عبده ورسوله).

                                                                                                                              فيه: استجابة دعاء رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم على الفور، بعين المسئول. وهو من أعلام نبوته، صلى الله عليه وآله وسلم.

                                                                                                                              (قال: فرجعت إلى رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، فأتيته وأنا أبكي من الفرح، قال: قلت: يا رسول الله! أبشر، قد استجاب الله دعوتك، وهدى أم أبي هريرة. فحمد الله، وأثنى عليه).

                                                                                                                              فيه: استحباب الحمد والثناء عليه، عز وجل، عند حصول النعم.

                                                                                                                              (وقال خيرا. قال: قلت: يا رسول الله! ادع الله: أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا. قال: فقال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "اللهم! حبب عبيدك هذا -يعني أبا هريرة- وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين" فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني: إلا أحبني).

                                                                                                                              وهذا معجزة أخرى له، صلى الله عليه وآله وسلم.

                                                                                                                              وفيه: فضيلة ظاهرة لأبي هريرة وأمه، رضي الله عنهما.




                                                                                                                              الخدمات العلمية