الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4588 باب : تجدون الناس معادن

                                                                                                                              ولفظ النووي : (باب خيار الناس) .

                                                                                                                              (حديث الباب)



                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص78 ،79 ج16 ، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي هريرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : "تجدون الناس معادن ؛ فخيارهم في الجاهلية : خيارهم في الإسلام -إذا فقهوا- . وتجدون من خير الناس في هذا الأمر : أكرههم له -قبل أن يقع فيه- .

                                                                                                                              وتجدون من شرار الناس : ذا الوجهين ؛ الذي يأتي هؤلاء بوجه ، وهؤلاء بوجه"
                                                                                                                              ) .

                                                                                                                              [ ص: 17 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 17 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : تجدون الناس معادن ؛ فخيارهم في الجاهلية : خيارهم في الإسلام -إذا فقهوا-) بضم القاف على المشهور . وحكي كسرها . أي : صاروا فقهاء ، علماء .

                                                                                                                              "والمعادن" : الأصول . وإذا كانت الأصول شريفة : كانت الفروع كذلك غالبا .

                                                                                                                              والفضيلة -في الإسلام- : بالتقوى . لكن إذا انضم إليها شرف النسب : ازدادت فضلا .

                                                                                                                              ومعنى الحديث : أن أصحاب المروءات ومكارم الخلال ، في الجاهلية -إذا أسلموا وفقهوا- : فهم خير الناس .

                                                                                                                              (وتجدون من خير الناس في هذا الأمر : أكرههم له -قبل أن يقع فيه-) .

                                                                                                                              قال عياض : يحتمل أن المراد به : الإسلام . كما كان من عمر بن الخطاب ، وخالد بن الوليد ، وعمرو بن العاص ، وعكرمة بن أبي جهل ، وسهيل بن عمرو ، وغيره من مسلمة الفتح ، وغيرهم ، ممن كان يكره الإسلام كراهية شديدة . فلما دخل فيه : أخلص ، وأحبه ، وجاهد فيه حق جهاده .

                                                                                                                              [ ص: 18 ] قال : ويحتمل أن المراد بالأمر هنا ؛ الولايات . لأنه إذا أعطيها من غير مسألة : أعين عليها .

                                                                                                                              قلت : ولا مانع من إرادة هذين الاحتمالين معا .

                                                                                                                              (وتجدون من شرار الناس : ذا الوجهين ؛ الذي يأتي هؤلاء بوجه ، وهؤلاء بوجه) سببه ظاهر ؛ لأنه نفاق محض ، وكذب ، وخداع ، وتحيل على اطلاعه على أسرار الطائفتين . وهو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها . ويظهر لها أنه منها ، في خير أو شر . وهي مداهنة محترمة .




                                                                                                                              الخدمات العلمية