الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              441 (باب مباشرة الحائض فوق الإزار).

                                                                                                                              وبمثله قال النووي رحمه الله أيضا.

                                                                                                                              (حديث الباب) وهو بصحيح مسلم النووي ص 203 ج 3 المطبعة المصرية.

                                                                                                                              [عن عبد الرحمن بن الأسود، ، عن أبيه] ، ، عن عائشة، قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضا، أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتزر في فور حيضتها، ثم يباشرها.

                                                                                                                              قالت: وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه؟


                                                                                                                              [ ص: 66 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 66 ] (الشرح) .

                                                                                                                              (عن عائشة) رضي الله عنها (قالت: كانت إحدانا، إذا كانت حائضا، أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تأتزر في فور حيضتها) بفتح الفاء، وإسكان الواو؛ معناه: معظمها، ووقت كثرتها.

                                                                                                                              "والحيضة" بفتح الحاء "الحيض". ومعنى "تأتزر" تشد إزارا تستر سرتها وما تحتها إلى الركبة، فما تحتها.

                                                                                                                              (ثم يباشرها). "ومباشرة الحائض" أقسام:

                                                                                                                              "أحدها": أن يباشرها بالجماع في الفرج. وهذا حرام بإجماع المسلمين، بنص الكتاب العزيز، والسنة المطهرة.

                                                                                                                              حتى قال بعضهم: لو اعتقد مسلم حل جماع الحائض في فرجها صار كافرا مرتدا.

                                                                                                                              ولو فعله غير معتقد حله، فإن كان ناسيا، أو جاهلا بوجود الحيض، أو جاهلا بتحريمه، أو مكرها، فلا إثم عليه ولا كفارة.

                                                                                                                              وإن وطئها عالما، عامدا، مختارا، فقد ارتكب معصية كبيرة، وتجب عليه التوبة، ولا كفارة عليه. وإليه ذهب جمع من السلف. وقال آخرون: يجب عليه الكفارة، فقيل: عتق رقبة. وقيل: دينار؛ أو نصف دينار. وتعلقوا بحديث ابن عباس المرفوع: "من أتى امرأته وهي- حائض- فليتصدق بدينار أو نصف دينار.

                                                                                                                              [ ص: 67 ] قال النووي: وهو حديث ضعيف؛ باتفاق الحفاظ. فالصواب: أن لا كفارة.

                                                                                                                              "والثاني" المباشرة فيما فوق السرة وتحت الركبة بالذكر، أو بالقبلة، أو المعانقة، أو اللمس، أو غير ذلك. وهو حلال باتفاق العلماء. وقد نقل أبو حامد الإسفراييني، وجماعة كثيرة، الإجماع على هذا.

                                                                                                                              "الثالث": المباشرة فيما بين "السرة والركبة" في غير القبل والدبر، وفيه وجوه: أصحها عند الجماهير أنها حرام.

                                                                                                                              وقيل: مكروهة كراهة تنزيه.

                                                                                                                              قال النووي: وهذا أقوى من حيث الدليل. وهو المختار. واحتجوا بحديث أنس: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح".

                                                                                                                              (قالت: وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه؟) "الإرب" بكسر الهمزة، مع إسكان الراء. وهو أكثر الروايات: "الفرج" ورواه جماعة "بفتح الهمزة والراء" ومعناه: "حاجته". وهي شهوة الجماع.

                                                                                                                              والمقصود: "أيكم أملك لنفسه، فيأمن مع هذه المباشرة الوقوع في المحرم؟ وهو مباشرة فرج الحائض.

                                                                                                                              واختار الخطابي هذه الرواية، وأنكر الأولى وعابها على المحدثين؛ وله وجه.

                                                                                                                              وفي حديث ميمونة (كان رسول الله يباشر نساءه فوق الإزار، وهن حيض). وهذا محمول على الاستحباب.

                                                                                                                              [ ص: 68 ] ومذهب الأئمة الثلاثة، وجماهير السلف، والخلف: "تحريم" الوطء والمباشرة، في مدة الحيض، وبعد انقطاعه، إلى أن تغتسل أو تتيمم.

                                                                                                                              وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى "بحلها" بعد انقطاع الدم.

                                                                                                                              وحجة الجمهور قوله تعالى:

                                                                                                                              ( ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ) والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية