الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4786 باب في القدر، والشقاوة، والسعادة

                                                                                                                              وهو في النووي في (الباب المتقدم) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 195، 196 ج 16، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن علي، قال: كنا في جنازة، في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة فنكس، فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: «ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار. وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة». قال: فقال رجل: يا رسول الله! أفلا نمكث على كتابنا، وندع العمل؟ فقال: «من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة. ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة». فقال: «اعملوا، فكل ميسر، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة. وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة». ثم قرأ فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى) .

                                                                                                                              [ ص: 364 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 364 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن علي كرم الله وجهه قال: كنا في جنازة، في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، فقعد، وقعدنا حوله. ومعه مخصرة) بكسر الميم: ما أخذه الإنسان بيده واختصره من عصا لطيفة، وعكاز لطيف، وغيرهما. (فنكس) بتخفيف الكاف وتشديدها: لغتان فصيحتان. يقال: «نكسه ينكسه، فهو ناكس» كقتله يقتله، فهو قاتل. «ونكسه ينكسه تنكيسا فهو منكس» أي: خفض رأسه، وطأطأ إلى الأرض، على هيئة المهموم.

                                                                                                                              (فجعل ينكت) : بفتح الياء وضم الكاف. (بمخصرته) أي: يخط بها خطا يسيرا، مرة بعد مرة. وهذا فعل المفكر المهموم.

                                                                                                                              (ثم قال: «ما منكم من أحد، ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار. وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة». قال: فقال رجل: يا رسول الله! أفلا نمكث على كتابنا، وندع العمل؟ فقال: «من كان من أهل السعادة: فسيصير إلى عمل أهل السعادة. ومن كان من أهل الشقاوة: فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة». فقال: «اعملوا، فكل ميسر؛ أما أهل السعادة: فييسرون لعمل أهل السعادة. وأما أهل الشقاوة: فييسرون لعمل أهل الشقاوة». ثم قرأ: [ ص: 365 ] فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ) .

                                                                                                                              فيه: النهي عن ترك العمل، والاتكال على ما سبق به القدر . بل تجب الأعمال والتكاليف، التي ورد الشرع بها. وكل ميسر لما خلق له، لا يقدر على غيره. ومن كان من أهل السعادة يسره الله لعمل أهل السعادة. ومن كان من أهل الشقاوة يسره الله لعملهم. كما قال: فسنيسره لليسرى والعسرى. وكما صرح به هذا الحديث، وما في معناه من الأحاديث الأخرى.

                                                                                                                              [ ص: 366 ]



                                                                                                                              الخدمات العلمية