الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4878 باب في التعوذ، من العجز والكسل

                                                                                                                              وهو في النووي، في (الباب المتقدم) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 29 جـ 17، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (حدثنا أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم والبخل وأعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه؛ (قال: كان رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ يقول: اللهم ! إني أعوذ بك: من العجز) وهو عدم القدرة.

                                                                                                                              [ ص: 654 ] (والكسل) وهو التثاقل، كما مر.

                                                                                                                              (والجبن) : ضد الشجاعة. وهي "فضيلة قوة الغضب، وانقيادها للعقل".

                                                                                                                              (والهرم) ، وهو الزيادة، في كبر السن.

                                                                                                                              (والبخل) : ضد الكرم.

                                                                                                                              قال النووي : استعاذته "من الجبن، والبخل، لما فيهما من التقصير، عن أداء الواجبات، والقيام بحقوق الله تعالى، وإزالة المنكر، والإغلاظ على العصاة. ولأنه؛ بشجاعة النفس، وقوتها المعتدلة: تتم العبادات، ويقوم بنصر المظلوم، والجهاد.

                                                                                                                              وبالسلامة "من البخل": يقوم بحقوق المال، وينبعث: للإنفاق والجود، ولمكارم الأخلاق. ويمتنع: من الطمع فيما ليس له.

                                                                                                                              (وأعوذ بك: من عذاب القبر) الواقع على الكفار، ومن شاء الله: من عصاة أهل التوحيد. أعاذنا الله: من كل مكروه.

                                                                                                                              (ومن فتنة المحيا، والممات) أي: مما يعرض للإنسان - في مدة حياته - من الافتنان: بالدنيا وشهواتها، وجهالاتها. وأعظمها - والعياذ بالله -: أمر الخاتمة، عند الموت.

                                                                                                                              وفتنة الممات؛ قيل: هي "فتنة القبر"، كسؤال الملكين. والمراد: "من شر ذلك". وإلا، فأصل السؤال: واقع لا محالة. فلا يدعى: [ ص: 655 ] برفعه. فيكون عذاب القبر مسببا عن ذلك. والسبب غير المسبب.

                                                                                                                              وقيل: المراد: الفتنة قبيل الموت. وأضيفت إلى الموت: لقربها منه. وحينئذ تكون "فتنة المحيا": قبل ذلك. وقيل: غير ذلك.

                                                                                                                              "والمحيا، والممات": مصدران، مجروران بالإضافة، على وزن "مفعل". ويصلحان للزمان، والمكان، والمصدر.

                                                                                                                              قال العلماء: استعاذته، صلى الله عليه وآله وسلم، من هذه الأشياء: لتكمل صفاته في كل أحواله، وشرعه أيضا، تعليما.

                                                                                                                              قال النووي : في هذه الأحاديث: دليل على استحباب الدعاء، والاستعاذة من كل الأشياء المذكورة، وما في معناها. وهذا هو الصحيح، الذي أجمع عليه العلماء، وأهل الفتاوى، في الأمصار.

                                                                                                                              وذهبت طائفة - من الزهاد، وأهل المعارف -: إلى أن ترك الدعاء: أفضل، استسلاما للقضاء.

                                                                                                                              وقال آخرون منهم: إن دعا للمسلمين: فحسن. وإن دعا لنفسه: فالأولى تركه.

                                                                                                                              وقال آخرون منهم: إن وجد في نفسه باعثا للدعاء: استحب، وإلا فلا.

                                                                                                                              [ ص: 656 ] قال: ودليل الفقهاء. ظواهر القرآن، والسنة: في الأمر بالدعاء، وفعله، والإخبار عن الأنبياء بفعله. انتهى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية