الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5018 باب طلب الكافر الفداء يوم القيامة

                                                                                                                              وهو في النووي، في: (باب الكفار).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 147 ج 17، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أنس بن مالك ) رضي الله عنه؛ (عن النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال: «يقول الله تبارك وتعالى لأهون أهل النار عذابا: لو كانت لك الدنيا، وما فيها. أكنت مفتديا بها ؟ فيقول: نعم. فيقول: قد أردت منك أهون من هذا - وأنت في صلب - آدم - أن لا تشرك - أحسبه قال - ولا أدخلك النار. فأبيت إلا الشرك». وفي رواية؛ «فيقال: قد سئلت أيسر من ذلك».

                                                                                                                              وفي رواية: «فيقال: كذبت، قد سئلت أيسر من ذلك»).

                                                                                                                              [ ص: 140 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 140 ] (الشرح)

                                                                                                                              قال النووي: المراد «بأردت» في الرواية الأولى: «طلبت منك، وأمرتك».

                                                                                                                              وقد أوضحه، في الروايتين الأخيرتين، بقوله: «قد سئلت أيسر». فيتعين تأويل «أردت» على ذلك، جمعا بين الروايات. لأنه يستحيل - عند أهل الحق - أن يريد الله تعالى شيئا، فلا يقع. قال: ومذهب أهل الحق، أن الله مريد لجميع الكائنات: خيرها وشرها. ومنها «الإيمان، والكفر». فهو سبحانه وتعالى: مريد لإيمان المؤمن، ومريد لكفر الكافر، خلافا للمعتزلة، في قولهم: إنه أراد إيمان الكافر، ولم يرد كفره. تعالى الله عن قولهم الباطل. فإنه يلزم من قولهم: «إثبات العجز في حقه سبحانه»، وأنه وقع في ملكه: ما لم يرده.

                                                                                                                              وأما هذا الحديث، فقد بينا تأويله.

                                                                                                                              وأما قوله: «فيقال له: كذبت». فالظاهر أن معناه، أن يقال له: «لو رددناك إلى الدنيا، وكانت لك كلها. أكنت تفتدي بها ؟، فيقول: نعم. فيقال له: كذبت. قد سئلت أيسر من ذلك، فأبيت.

                                                                                                                              ويكون هذا، من معنى قوله تعالى: ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه .

                                                                                                                              قال: ولا بد من هذا التأويل، ليجمع بينه وبين قوله تعالى: ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة

                                                                                                                              [ ص: 141 ] أي: لو كان لهم - يوم القيامة - ما في الأرض جميعا، ومثله معه. وأمكنهم الاقتداء: لافتدوا.

                                                                                                                              قال: وفي الحديث دليل، على أنه يجوز أن يقول الإنسان: «الله يقول». وقد أنكره بعض السلف. وقال: يكره هذا. وإنما يقال: «قال الله». وقد تقدم فساد هذا المذهب. وتقدم أن الصواب: جوازه. وبه قال عامة العلماء: من السلف، والخلف.

                                                                                                                              وبه جاء القرآن العزيز، في قوله تعالى: والله يقول الحق . وفي الصحيحين: أحاديث كثيرة، مثل هذا. والله أعلم. هذا آخر كلام النووي رحمه الله. وكما في الحديث - دلالة، على طلب الكافر الفداء في الآخرة - دليل أيضا: على أن الشرك من موجبات دخول النار، وأن من لم يشرك بالله: عسى أن يغفر الله سائر ذنوبه بالتوبة، وبغيرها- إن شاء -.

                                                                                                                              ويدل لهذا قوله سبحانه: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء

                                                                                                                              ومن هنا يقال: إن التوحيد: رأس الطاعات. وإن الاتباع: ملاك الأمر كله. ومن جمع بينهما: فقد فاز فوزا عظيما. وبالله التوفيق.




                                                                                                                              الخدمات العلمية