الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5211 باب في قصة ابن صياد

                                                                                                                              وهو في النووي، في (باب ذكر ابن صياد)

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص51 ، 52 ج18، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي سعيد الخدري؛ قال: خرجنا حجاجا -أو عمارا- ومعنا ابن صائد.

                                                                                                                              قال: فنزلنا منزلا، فتفرق الناس وبقيت أنا وهو، فاستوحشت منه: وحشة شديدة، مما يقال عليه.

                                                                                                                              قال: وجاء بمتاعه، فوضعه مع متاعي. فقلت: إن الحر شديد، فلو وضعته تحت تلك الشجرة. قال: ففعل.

                                                                                                                              [ ص: 391 ] قال: فرفعت لنا غنم، فانطلق فجاء بعس، فقال: اشرب. أبا سعيد!

                                                                                                                              فقلت: إن الحر شديد، واللبن حار. ما بي، إلا أني أكره أن أشرب عن يده -أو قال: آخذ عن يده- فقال: أبا سعيد! لقد هممت أن آخذ حبلا، فأعلقه بشجرة، ثم أختنق، مما يقول لي الناس.

                                                                                                                              يا أبا سعيد! من خفي عليه حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ما خفي عليكم، معشر الأنصار!

                                                                                                                              ألست من أعلم الناس: بحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟

                                                                                                                              أليس قد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "هو كافر". وأنا مسلم؟

                                                                                                                              أوليس قد قال رسول، الله صلى الله عليه وسلم: "هو عقيم، لا يولد له". وقد تركت ولدي بالمدينة؟ أوليس قد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل المدينة، ولا مكة". وقد أقبلت من المدينة، وأنا أريد مكة؟

                                                                                                                              قال أبو سعيد الخدري: حتى كدت أن أعذره.

                                                                                                                              ثم قال: أما، والله! إني لأعرفه، وأعرف مولده، وأين هو الآن. قال: قلت له: تبا لك، سائر اليوم
                                                                                                                              ).

                                                                                                                              [ ص: 392 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 392 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه؛ قال: خرجنا حجاجا -أو عمارا- ومعنا ابن صائد) ويقال له: "ابن صياد" أيضا. قال النووي : سمي بهما في هذه الأحاديث. واسمه: "صاف".

                                                                                                                              (قال: فنزلنا منزلا، فتفرق الناس وبقيت أنا وهو، فاستوحشت منه: وحشة شديدة، مما يقال عليه.

                                                                                                                              قال: وجاء بمتاعه، فوضعه مع متاعي. فقلت: إن الحر شديد، فلو وضعته تحت تلك الشجرة. قال: ففعل.

                                                                                                                              قال: فرفعت لنا غنم، فانطلق فجاء بعس): بضم العين. وهو القدح الكبير، وجمعه: "عساس" بكسر العين، "وأعساس".

                                                                                                                              (فقال: اشرب. أبا سعيد! فقلت: إن الحر شديد، واللبن حار. ما بي، إلا أني أكره أن أشرب عن يده -أو قال: آخذ عن يده- فقال: أبا سعيد! لقد هممت أن آخذ حبلا، فأعلقه بشجرة، ثم أختنق، مما يقول لي الناس.

                                                                                                                              يا أبا سعيد! من خفي عليه حديث رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: ما خفي عليكم، معشر الأنصار!

                                                                                                                              ألست من أعلم الناس! بحديث رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم؟

                                                                                                                              أليس قد قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "هو كافر". وأنا مسلم؟

                                                                                                                              [ ص: 393 ] أوليس قد قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "هو عقيم، لا يولد له". وقد تركت ولدي بالمدينة؟

                                                                                                                              أوليس قد قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "لا يدخل المدينة، ولا مكة". وقد أقبلت من المدينة، وأنا أريد مكة؟

                                                                                                                              قال أبو سعيد: حتى كدت أن أعذره.

                                                                                                                              ثم قال: أما، والله! إني لأعرفه، وأعرف مولده، وأين هو الآن.

                                                                                                                              قال: قلت له: تبا لك، سائر اليوم). أي: خسرانا وهلاكا لك، في باقي اليوم.

                                                                                                                              وهو منصوب: بفعل مضمر، متروك الإظهار.

                                                                                                                              قال النووي : لا دلالة له في هذا، لأن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، إنما أخبر عن صفاته وقت فتنه، وخروجه في الأرض.

                                                                                                                              ومن اشتباه قصته، وكونه أحد الدجاجلة الكذابين: قوله للنبي، صلى الله عليه وآله وسلم: أتشهد أني رسول الله؟ ودعواه أنه يأتيه صادق وكاذب، وأنه يرى عرشا فوق الماء، وأنه لا يكره أن يكون هو الدجال، وأنه يعرف موضعه.

                                                                                                                              وأما إظهاره الإسلام، وحجه، وجهاده، وإقلاعه عما كان عليه: فليس بصريح في أنه غير الدجال .




                                                                                                                              الخدمات العلمية