الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              5253 [ ص: 496 ] باب: ما بين النفختين أربعون، ويبلى الإنسان إلا عجب الذنب

                                                                                                                              ولفظ النووي: (باب ما بين النفختين).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص91، 92 ج18، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن أبي صالح؛ عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "ما بين النفختين: أربعون". قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يوما؟ قال: أبيت.

                                                                                                                              قالوا: أربعون شهرا؟ قال: أبيت.

                                                                                                                              قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت.

                                                                                                                              "ثم ينزل الله من السماء: ماء، فينبتون كما ينبت البقل"، قال: "وليس من الإنسان شيء، إلا يبلى، إلا عظما واحدا، -وهو عجب الذنب- ومنه يركب الخلق، يوم القيامة"
                                                                                                                              ).

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "ما بين النفختين أربعون". قالوا: يا أبا هريرة! أربعين يوما؟ قال: أبيت. قالوا: أربعين شهرا؟ قال: أبيت. قالوا: أربعين سنة؟ قال: أبيت).

                                                                                                                              معناه: أبيت أن أجزم أن المراد: أربعون يوما، أو سنة، أو شهرا.

                                                                                                                              [ ص: 497 ] بل الذي أجزم به: أنها "أربعون" مجملة.

                                                                                                                              وقد جاءت مفسرة من رواية غيره، في غير مسلم: "أربعون سنة" قاله النووي .

                                                                                                                              (قال : "ثم ينزل الله من السماء: ماء، فينبتون كما ينبت البقل"، قال: "وليس من الإنسان شيء ، إلا يبلى، إلا عظما واحدا -وهو عجب الذنب-) بفتح العين، وإسكان الجيم. أي: العظم اللطيف، الذي في أسفل الصلب عند العجز، بين الإليتين. وهو مكان الذنب من الحيوانات، وهو رأس العصعص. ويقال له: "عجم" بالميم. وهو أول ما يخلق من الآدمي، وهو الذي يبقى منه: ليعاد تركيب الخلق عليه، كما قال: (ومنه يركب الخلق، يوم القيامة).

                                                                                                                              وفي رواية أخرى عنه عند مسلم، والنسائي؛ بلفظ: "كل ابن آدم يأكله التراب، إلا عجب الذنب: منه خلق، وفيه يركب".

                                                                                                                              وعن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ أنه قال: "يأكل التراب كل شيء من الإنسان، إلا عجب ذنبه". قيل: وما مثله؟ يا رسول الله! قال: "مثل حبة خردل: منه تنبتون". رواه [ ص: 498 ] أحمد وإسناده حسن. كذا في كتابنا (موائد العوائد).

                                                                                                                              وفي رواية عند مسلم، مرفوعا، بلفظ: "إن في الإنسان عظما، لا تأكله الأرض أبدا، فيه يركب، يوم القيامة". قالوا: أي عظم هو؟ يا رسول الله! قال: "عجب الذنب" .

                                                                                                                              قلت: ويخص من هذا العموم: الأنبياء، عليهم السلام، فإن الأرض لا تأكلهم، وهم حرام عليها. وكذا كل من شاء الله تعالى: من أوليائه، وصلحاء عباده.

                                                                                                                              قال النووي : هذا مخصوص، فيخص منه الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، فإن الله حرم على الأرض أجسادهم، كما صرح به في الحديث. انتهى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية