الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              602 [ ص: 278 ] (باب الأمر باستقبال القبلة ) .

                                                                                                                              وقال النووي: (باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها، قرأ ما تيسر له من غيرها ) .

                                                                                                                              (حديث الباب ) .

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 107 ج 4 المطبعة المصرية .

                                                                                                                              [(عن أبي هريرة ) رضي الله عنه: (أن رجلا دخل المسجد فصلى. ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية ) ، وفيه: "إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء؛ ثم استقبل القبلة فكبر" .] .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح) .

                                                                                                                              "وفيه" وجوب الطهارة، واستقبال القبلة، وتكبيرة الإحرام. وموضع الدلالة هنا: الأمر باستقبال القبلة فقط.

                                                                                                                              وفي القرآن الكريم: فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره .

                                                                                                                              "والشطر" سواء كان: جهته، أو نحوه؛ أو تلقاءه، أو قبله. على اختلاف تفاسير السلف للشطر -فالآية تدل على أن استقبال [ ص: 279 ] الجهة يكفي من الحاضر، والغائب، إذا كان حال قيامه إلى الصلاة، معاينا للبيت، ولم يحل بينه وبينه حائل.

                                                                                                                              وأما إذا كان في بعض بيوت مكة، أو شعابها، أو فيما يقرب منها، وكان بينه وبين البيت حال -القيام إلى الصلاة- حائل؛ فإنه لا يجب عليه أن يصعد إلى مكان آخر يشاهد فيه البيت.

                                                                                                                              بل عليه أن يولي وجهه شطر المسجد الحرام. وليس عليه غير ذلك.

                                                                                                                              ولم يأت دليل يدل على غير هذا.

                                                                                                                              وأما ما أخرجه البيهقي في "سننه" عن ابن عباس مرفوعا: "البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي".

                                                                                                                              فمع كونه ضعيفا لا ينتهض للاحتجاج به. هو أيضا دليل على ما ذكرنا.

                                                                                                                              ومن كان في المسجد فهو معاين للبيت، لا حائل بينه وبينه. وقد جعل المسجد قبلة لأهل الحرم.

                                                                                                                              وذلك يدل على أنه لا يجب على أهل الحرم إلا استقبال الجهة. وأما غيرهم فذلك ظاهر.

                                                                                                                              والمراد من الجهة: "ما بين المشرق والمغرب". فإذا توجه إلى الجهة التي بينهما، فقد فعل ما عليه، لحديث:

                                                                                                                              [ ص: 280 ] "ما بين المشرق والمغرب قبلة". أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه. وأخرجه ابن ماجه، والحاكم، من حديث ابن عمر.

                                                                                                                              ولا يحتاج المصلي أن يرجع في أمر القبلة إلى تقليد أحد من الأحياء، ولا إلى المحاريب المنصوبة في المساجد.

                                                                                                                              فمحرابه: "بين المشرق والمغرب".

                                                                                                                              وكل عاقل يعرف جهة المشرق والمغرب. ولا يخفى ذلك إلا على مجنون، أو طفل. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية