الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 367 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                        سورة الحديد

                                                                                                                        11679 - أخبرنا الحسين بن حريث ، قال : أخبرنا الفضل بن موسى ، عن سفيان بن سعيد ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : " كانت ملوك بعد عيسى عليه السلام ، بدلوا التوراة والإنجيل ، فكان منهم مؤمنون يقرؤون التوراة والإنجيل ، فقيل لملوكهم : ما نجد شتما أشد من شتم يشتموننا هؤلاء ، إنهم يقرؤون : ومن لم يحكم بما أنـزل الله فأولئك هم الكافرون ، هؤلاء الآيات ، مع ما يعيبونا به من أعمالنا في قراءتهم ، فادعهم فليقرؤوا كما نقرأ ، وليؤمنوا كما آمنا ، فدعاهم فجمعهم ، فعرض عليهم القتل أو يتركوا قراءة التوراة والإنجيل ، إلا ما بدلوا منها ، فقالوا : ما تريدون إلى ذلك ؟ دعونا ، فقالت طائفة منهم : ابنوا لنا أسطوانة ، ثم ارفعونا إليها ، ثم أعطونا شيئا نرفع به طعامنا وشرابنا ، فلا نرد عليكم ، وقالت طائفة : دعونا نسيح في الأرض ، ونهيم ونشرب كما تشرب الوحش ، فإن قدرتم علينا في أرضكم فاقتلونا ، وقالت طائفة : ابنوا لنا دورا [ ص: 368 ] في الفيافي ، ونحتفر الآبار ، ونحرث البقول ، فلا نرد عليكم ، ولا نمر بكم ، وليس أحد من القبائل إلا وله حميم فيهم ، ففعلوا ذلك ، فأنزل الله عز وجل : ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها ، والآخرون قالوا : نتعبد كما تعبد فلان ، ونسيح كما ساح فلان ، ونتخذ دورا كما اتخذ فلان ، وهم على شركهم ، لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا به ، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبق منهم إلا القليل ، انحط رجل من صومعته ، وجاء سائح من سياحته ، وصاحب الدير من ديره ، فآمنوا به وصدقوه ، فقال الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ، أجرين : بإيمانهم بعيسى ابن مريم ، وتصديقهم بالتوراة والإنجيل ، وبإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقهم ، قال : ويجعل لكم نورا تمشون به ، القرآن ، واتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لئلا يعلم أهل الكتاب ، [ ص: 369 ] الذين يتشبهون بكم : ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        الخدمات العلمية