الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 348 ] ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا .

[14] ولو دخلت عليهم أي: المدينة من أقطارها نواحيها، المعنى: لو دخل الأحزاب المدينة من جوانبها.

ثم سئلوا الفتنة الردة إلى الكفر ومقاتلة المسلمين.

لآتوها قرأ نافع ، وأبو جعفر ، وابن كثير : (لأتوها) بقصر الهمزة; أي: لجاؤوها وقبلوها، وقرأ الباقون: بالمد ; أي: لأعطوها السائلين.

وما تلبثوا بها أي: ما احتبسوا عن الفتنة إلا يسيرا ولأسرعوا الإجابة إلى الشرك طيبة به أنفسهم، وقيل: وما لبثوا بالمدينة بعد الارتداد إلا قليلا حتى هلكوا.

وحد حرم المدينة: ما بين ثور إلى عير، وهما جبلان، فثور جبل صغير إلى الحمرة بتدوير خلف أحد من جهة الشمال، وغير مشهور بها، وقدر الحرم: بريد ببريد، وقد ورد في الحديث: اللهم إني أحرم ما بين لابتيها ، وفي رواية: ما بين جبليها ، وفي رواية: ما بين [ ص: 349 ] مأزميها ، ولابتا المدينة: هما الحرتان الشرقية والغربية، والحرة هي: الأرض ذات الحجارة السود، ورواية ما بين لابتيها أرجح; لتوارد الرواة عليها، ورواية "جبليها" لا تنافيها، فيكون عند كل لابة جبل، فما بين لابتيها بيان لحد حرمها من جهتي المشرق والمغرب، وما بين جبليها بيان لحده من جهتي الجنوب والشمال، وأما رواية "مأزميها" ، فالمأزم: المضيق بين الجبلين، وقد يطلق على الجبل نفسه، وهذا يدل على أن صيدها وشجرها محرم، وهو قول الثلاثة; خلافا لأبي حنيفة ، ولا جزاء فيه بالاتفاق، والله أعلم، وتقدم ذكر حدود الأرض المقدسة في المائدة، وحرم مكة في التوبة.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية