الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بيان معنى «النشرة» وحكمها

وأما «النشرة» -بضم النون- كما في القاموس، فقال أبو السعادات: هي ضرب من العلاج والرقية يعالج به من يظن أن به مسا من الجن، سميت «نشرة»؛ لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء؛ أي: يكشف ويزال.

قال الحسن: النشرة من السحر، وقد نشرت عنه تنشيرا، وفي الحديث. «فلعل طبا أصابه، ثم نشره بـ قل أعوذ برب الناس » أي: رقاه.

قال ابن الجوزي: النشرة: حل السحر عن المسحور، ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر.

وعن جابر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن النشرة، فقال: «هي من علم الشيطان» رواه أحمد بسند جيد، وأبو داود، وقال: سئل أحمد عنها، فقال: قال ابن مسعود: يكره هذا كله، ورواه أيضا الفضل بن زياد في كتاب «المسائل» قال ابن مفلح: إسناده جيد، وحسنه الحافظ أيضا.

والمراد: النشرة التي كان أهل الجاهلية يصنعونها، ومراد أحمد: أن ابن مسعود يكرهها، كما يكره تعليق التمائم مطلقا.

وفي «البخاري» عن قتادة: قلت لابن المسيب: رجل به طب، ويؤخذ عن [ ص: 324 ] امرأته، أيحل عنه، أو ينشر؟ قال: لا بأس، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع، فلم ينه عنه.

«الطب» -بكسر الطاء-: السحر، يقال: طب الرجل -بالضم-: إذا سحر، ويقال: كنوا عن السحر بالطب تفاؤلا، كما يقال للديغ: سليم.

وقال ابن الأنباري: «الطب» من الأضداد، يقال للعلاج: «طب»، وللسحر: «طب».

ومعنى «يؤخذ»: يحبس عن امرأته، ولا يصل إلى جماعها. «والأخذة» -بضم الهمزة-: الكلام الذي يقوله الساحر.

والمراد بالإصلاح: إزالة السحر، وهذا محمول على نشرة لا يعلم أنها سحر.

وقال الحسن: لا يحل السحر إلا ساحر. رواه ابن الجوزي في «جامع المسانيد».

قال العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى-: النشرة: حل السحر عن المسحور، وهي نوعان: حل مثله بسحر، وهو من عمل الشيطان... إلى آخر ما قال.

التالي السابق


الخدمات العلمية