الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الخامس والعشرون، والسادس والعشرون، والسابع والعشرون: قوله: اهدنا الصراط المستقيم [الفاتحة: 6].

فإن طلب الهداية منه وحده باعتبار كون هذا الفعل واقعا بعد الفعلين اللذين تقدم معمولهما، فكان له حكمهما، وإن كان قد تغير أسلوب الكلام في الجملة، حيث لم يقل: نستهدي، أو: نطلب الهداية، حتى يصح أن يكون ذلك الضمير المتقدم المنصوب معمولا له تقديرا.

لكن مع بقاء المخاطبة، وعدم الخروج عما يقتضيه، لم يقطع النظر عن ذلك الضمير الواقع على تلك الصورة؛ تتوسطه بين هذا الفعل -أعني: «اهدنا» -، لا - وبين من أسند إليه.

ثم في ضمير الجماعة معنى يشير إلى استحقاقه سبحانه إخلاص التوحيد على الوجه الذي قدمناه على الفعلين السابقين.

ثم في كون هذه الهداية هي هداية الصراط المستقيم التي هي الهداية بالحقيقة، ولا اعتبار بهداية إلى صراط لا استقامة فيه معنى ثالث يشير إلى ذلك المدلول.

الثامن والعشرون: قوله: صراط الذين أنعمت عليهم [الفاتحة:7].

فإن من يهدي إلى هذا الصراط، الذي هو صراط من أنعم الله عليهم، يستحق [ ص: 19 ] ألا يشتغل بغيره، ولا ينظر إلى سواه؛ لأن الإيصال إلى طرائق النعم هو المقصود من المشي، والمراد بحركات السائرين، وذلك كناية عن الوصول إلى النعم أنفسها؛ إذ لا اعتبار بالوصول إلى طرائقها من دون وصول إليها.

فكان وقوع الهداية على الصراط المستقيم نعمة بمجردها؛ لأن الاستقامة إذا تصورت عند تصور الاعوجاج، كان فيها راحة بهذا الاعتبار، فكيف إذا كان ذلك كناية عن طريق الحق؟! فكيف إذا كان حقا موصلا إلى الفوز بنعيم الله سبحانه؟!

التالي السابق


الخدمات العلمية