الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في تكرار الظهار على المرأة الواحدة]

                                                                                                                                                                                        تكرار الظهار على المرأة الواحدة على أربعة أقسام:

                                                                                                                                                                                        أحدها: أن يكون ذلك مجردا من اليمين كقوله: أنت علي كظهر أمي، أنت [ ص: 2305 ] علي كظهر أمي.

                                                                                                                                                                                        والثاني: أن يعلق ذلك فيها بيمين، فيقول: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي، ثم يقول بعد ذلك: إن لبست هذا الثوب فأنت علي كظهر أمي.

                                                                                                                                                                                        والثالث: أن يكون الأول مجردا عن اليمين، والثاني معلقا بيمين.

                                                                                                                                                                                        والرابع: أن يكون الأول معلقا بيمين، والآخر مجردا من اليمين.

                                                                                                                                                                                        فإن كرر ذلك بغير يمين كان ظهارا واحدا، وكفارة واحدة، وصار في قوله الثاني كالواصف لها: لأنها بأول مرة هي عليه كظهر أمه، إلا أن يكون قوله الثاني على وجه التزام الكفارة فيلزمه، ولا يكون له حكم الظهار، فإن نوى العودة وكفر عن الأول جاز له الوطء، وإن لم يكفر عن الثاني، وإن علق الظهار بيمينين، فقال: إن دخلت الدار، ثم قال: إن لبست هذا الثوب، فحنث في إحداهما ونوى العودة، وكفر ثم حنث في الأخرى كان عليه كفارة أخرى إذا نوى العودة. [ ص: 2306 ]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا لم يكفر حتى حنث في اليمين الأخرى، فقال المخزومي وعبد الملك بن الماجشون: كفارة واحدة تجزئه، وظاهر قول ابن القاسم في المدونة أن عليه لكل يمين كفارة، ومثله إذا لم يكفر عن يمينه حتى أوقع الظهار مجردا من اليمين، فعلى القول الأول، عليه كفارة واحدة، وقال ابن المواز: عليه كفارتان.

                                                                                                                                                                                        وإن كان الأول ظهارا مجردا ثم حلف فحنث قبل أن يكفر عن الأول، كان عليه كفارتان على قول محمد، وعلى قول المخزومي: كفارة واحدة عن الأول، وفرق أصبغ في المستخرجة إذا كان ظهاران أحدهما بيمين والآخر بغير يمين، فإن تقدم ما كان بيمين وحنث ثم أردف ظهارا مجردا من اليمين كان عليه كفارة واحدة، وإن تقدم ظهار بغير يمين ثم حلف فحنث كان عليه كفارتان، فقال مالك فيمن ظاهر بيمين فحنث وابتدأ الصيام فلما صام أياما ظاهر منها بغير يمين، ابتدأ الصوم عن الظهارين وسقط ما مضى منه، وإن جرد الظهار من اليمين الأول وابتدأ الكفارة عن الثاني ثم ظاهر بيمين فحنث أتم الأول، وابتدأ الصيام عن الثاني، قال: هذا خلاف الأول، قال: لأن هذا وجب عليه بالحنث، ولم يكن هو أدخله على نفسه ابتداء فيكون تأكيدا للأول، فعليه كفارتان. [ ص: 2307 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية