الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما يثبت به حق النساء والرجال في الحضانة، وسقوطه]

                                                                                                                                                                                        حضانة المرأة تصح تارة بشرط عدم الزوج، وتارة مع وجوده، ومن شرط من له الحضانة من الرجال وجود الأهل، زوجة أو سرية، وهذا في الذكران. وأما الإناث فحق الأولياء في حضانتهن على ثلاثة أقسام: ثابت، وساقط، ومختلف فيه، فيثبت لكل من بينه وبينهن محرم كالأخ وابن الأخ والجد والعم، ويسقط في كل من ليس بذي محرم إذا كان غير مأمون، أو مأمونا لا أهل له، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يخلون رجل بامرأة ليس بينه وبينها محرم".

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان مأمونا وله أهل، فقال مالك في كتاب محمد في الصبية تتزوج أمها، ولها جد أو عم، لهما أن يأخذاها، فأما الوصي فليس بينه وبينها [ ص: 2566 ] محرم، وتكون مع زوج أمها; لأنه صار ذا محرم منها إلا أن يخاف عليها عنده فيكون الوصي أولى. وقال أصبغ في العتبية: الوصي أولى من الأم إذا تزوجت، ومن العم والأخ بالإناث، وإن كن قد بلغن أبكارا، والأولياء إذا لم يكن بينهم وبينها محرم كالأوصياء.

                                                                                                                                                                                        وقول مالك أصوب; لأنه لا ينفك من أن تكون في كفالته أن يطلع منها على ما لا يحل; لأن طول الصحبة والتربية تسقط التحفظ، وهذا فيمن بلغ منهن حد الوطء، وفيمن كان صغيرا نظر، فيصح أن يقال: يكفلها الوصي والولي إلى أن تبلغ حد الوطء فتنزع منه.

                                                                                                                                                                                        ويصح أن يقال: يمنع ذلك لما عليها من التنقل من قوم إلى قوم، ويشق عليها نقلها عمن ألفته. وما ذكر في أول الفصل أن من شرط الرجل في الحضانة أن يكون له أهل هو قول مالك في مختصر ابن عبد الحكم إذا تنازع الولد الأب والخالة، فقال: الأب أولى إذا كان عنده من يحضنه، فراعى أهله لأنهن العمدة في القيام بالأطفال وبخاصة الإناث، والغالب من الأب التصرف، فإذا لم يكن له من يخلفه فيهم ضاعوا. [ ص: 2567 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية