الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الطلاق اللازم]

                                                                                                                                                                                        الطلاق اللازم ما اجتمع فيه ثلاثة، نية ونطق وأن يكون ذلك النطق من ألفاظ الطلاق، كقوله: طلقتك أو فارقتك أو سرحتك.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا التزم الطلاق بالنية من غير نطق، وإذا نطق بالطلاق من غير نية، أو كانت نيته، ونطق بغير ألفاظ الطلاق الذي يقول: ادخلي الدار، يريد به الطلاق.

                                                                                                                                                                                        وقد ذكر محمد عن مالك فيمن أجمع الطلاق بالنية من غير نطق قولين، وجوب الطلاق وسقوطه، فأما وجوبه فقياسا على الإيمان والكفر أنه يقع [ ص: 2752 ] بالاعتقاد من غير نطق، وعلى الحب والبغض أنه يثاب إذا أحب في الله ويأثم إذا أبغض أولياءه، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "آية الإيمان حب الأنصار، وآية الكفر بغض الأنصار"، وأما سقوطه فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم".

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن قال: أنت طالق ولم يرد الطلاق، وإنما أراد من وثاق وليست في وثاق كانت طالقا، وقال مالك فيمن قال أنت طالق فزل لسانه فقال: البتة قال: هي ثلاث، فألزم الطلاق باللفظ من غير نية.

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون: لا شيء عليه في ذلك، وهو أحسن، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأعمال بالنيات" ولأن الطلاق يتعلق به حق لآدمي وحق لله تعالى، فحقها أنه أعطاها نفسها، ومن أراد أن يقول لرجل: بعتك عبدي فقال: وهبتك إياه لم تلزمه هبة، والحق لله تعالى; لأنها لو رضيت أن تسقط حقها فيما أعطاها، لم يجز ولم يتوجه الحق لله تعالى إذا زل لسانه، فقال: أنت طالق أو قال البتة، ولقول [ ص: 2753 ] الله سبحانه: وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم [الأحزاب: 5] ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تجاوز الله عن أمتي الخطأ..." الحديث. إلا أن يكون على الزوج في حين قوله بينة، ولا يصدق أنه أخطأ.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك وابن القاسم فيمن قال لزوجته: ادخلي الدار، يريد بذلك الطلاق أنها طالق.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب: لا شيء عليه إلا أن يريد أنت طالق إذا قلت ادخلي الدار، يريد أن الطلاق إنما يقع عندما أقول، ليس بنفس اللفظ.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية