الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في الركوع والسجود وهيئتهما وما يفعل عندهما وفيهما من تكبير أو تسبيح أو دعاء

                                                                                                                                                                                        الركوع والسجود فرض; لقول الله -عز وجل-: اركعوا واسجدوا [الحج: 77].

                                                                                                                                                                                        واختلف في الصفة التي تجزئ من ذلك، فقال مالك في المدونة: قدر ذلك أن يمكن يديه من ركبتيه في ركوعه، وجبهته من الأرض في سجوده، فإذا أمكن مطمئنا فقد تم ركوعه وسجوده .

                                                                                                                                                                                        وفي مختصر ابن الجلاب: الطمأنينة فرض في أركان الصلاة كلها، في قيامها وركوعها ورفع الرأس منها ، وفي سجودها، وبين السجدتين .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن لم يعتدل راكعا حتى رفع، وفيمن رفع من السجود فلم يعتدل جالسا حتى سجد: فليستغفر الله ولا يعود .

                                                                                                                                                                                        فلم يوجب الطمأنينة في شيء من ذلك، ورأى أن الذي يتضمنه القرآن ما يقع عليه اسم الركوع والسجود، والزائد عليه تطوع.

                                                                                                                                                                                        والأول أحسن; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - للذي صلى ولم يحسن الصلاة: " ارجع فصل فإنك لم تصل، فقال علمني يا رسول الله، فأمره بالتكبير والقراءة ثم قال: اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم اجلس حتى تطمئن جالسا، ثم افعل في صلاتك كلها كذلك" [ ص: 285 ] أخرجه البخاري ومسلم ، فخرج قوله هذا مخرج البيان لما هو واجب في الصلاة لما تقدم من قوله: " إنك لم تصل" ، فأبان بذلك أن الصفة التي أراد الله سبحانه بقوله: اركعوا واسجدوا [الحج: 77] أن يكون على هذه الصفة، ويجزئ من ذلك أقل ما يقع عليه اسم طمأنينة، وله أن يزيد على ذلك ويمهل ما أحب إذا كان فذا.

                                                                                                                                                                                        واختلف في حكم الزائد، فقال ابن شعبان : من الناس من يجعل ما وقع عليه الحض والترغيب من الزيادة على أدنى ما يجزئ- نافلة، ومنهم من يجعله فرضا موسعا.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: والقول إنه نفل أحسن; لأنه إذا كان له أن يقتصر على دون ذلك فهو في الزائد متطوع لا شك فيه، وليس بمنزلة من خير في الكفارة بين الإطعام والعتق لأنه يجبر على امتثال أحدهما، وهذا بالخيار بين أن يفعل أو لا لغير بدل، وكذلك صلاة المسافر أربعا، واختلف في الاثنتين هل هي فرض أو تطوع؟.

                                                                                                                                                                                        والقول إنها تطوع أحسن; لأنه يجوز له أن يقتصر على الاثنتين ولا يأتي عن بقية الأربع ببدل الأربعة .

                                                                                                                                                                                        ويطأطئ ظهره، ويساوي برأسه ظهره في الركوع ولا ينكسه ولا [ ص: 286 ] يرفعه، وفي البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " هصر ظهره في الركوع" وإذا رفع منه اعتدل قائما، وإذا سجد مكن جبهته وأنفه من الأرض.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن مسلمة: أستحب أن يضع يديه حذو أذنيه. وهذا أحسن، وفي مسلم: " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد بين كفيه" .

                                                                                                                                                                                        ويستحب ألا يضع ذراعيه بالأرض، قال مالك: إلا فيما طال من السجود من النوافل، ويجافي ضبعيه ويفرجهما تفريجا متقاربا، ويرفع بطنه عن فخذيه، وإذا رفع من السجدة اطمأن جالسا .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية