الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في وجوب متابعة الإمام]

                                                                                                                                                                                        أفعال المأموم: الإحرام، والركوع، والسجود، والتكبير، والسلام بعد فعل الإمام، فلا يركع حتى يراه راكعا، ولا يسجد حتى يراه ساجدا، ولا يفعل شيئا من ذلك قبله ولا معه.

                                                                                                                                                                                        وهذا هو المستحسن من المذهب، وقال مالك أيضا: له أن يفعل معه إلا في الإحرام والقيام من اثنتين، والسلام فلا يفعله إلا بعده، أما الإحرام فلا خلاف أنه إن فعله قبل لم يحتسب به .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان ذلك معه هل يحتسب بذلك أو لا؟ وقد تقدم ذكر ذلك . وكذلك أرى جميع أعمال المأموم من ركوع وسجود ورفع وغير ذلك فإنه لا يفعله إلا بعد فعل الإمام; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد" ففيه دليلان:

                                                                                                                                                                                        أحدهما: قوله: " ليؤتم به" وذلك يفيد أن يبتدئ الإمام بهذه الأشياء; لأنهما إذا فعلا معا لم يأتم به.

                                                                                                                                                                                        والثاني: قوله: " وإذا ركع فاركعوا" فالفاء ها هنا للتعقيب. وقيل لمالك في سماع أشهب في الذي يسبق الإمام بالسجود ثم يسجد الإمام وهو ساجد: أيثبت الرجل على سجوده أم يرفع رأسه ثم يسجد؟ فقال: لو ثبت كما هو على [ ص: 294 ] سجوده إذا أدركه الإمام بسجوده وهو ساجد .

                                                                                                                                                                                        وقال في سماع ابن القاسم فيمن ظن أن الإمام قد رفع رأسه فرفع هو رأسه فإذا الإمام لم يرفع رأسه - فإنه يرجع فيسجد ثم يرفع برفع الإمام ولا يتخلف عنه إلا أن يكون لم يتم سجدتها فليتم . وهو أحسن أن عليه أن يرجع حتى يكون فعله بعد فعل الإمام.

                                                                                                                                                                                        وقال سحنون في كتاب ابنه، فيمن رفع قبل الإمام ولم يعلم حتى رفع الإمام: إنه يرجع ويسجد القدر الذي فعله الإمام . وهذا أتبع للحديث.

                                                                                                                                                                                        وروى ابن وهب عن مالك في الأعمى يخالف إمامه في فعله أنه إن كان ركوعه وسجوده قبل الإمام فليستأنف الصلاة، وإن كان بعد ركوع الإمام وسجوده بقليل فلا بأس به.

                                                                                                                                                                                        يريد: أنه إذا ركع ورفع أو سجد ورفع قبل أن يركع الإمام أو يسجد فذلك لا يجزئه، وإن ركع الإمام ورفع أو سجد ورفع قبل ثم ركع المأموم أو سجد بقرب ذلك- أجزأه، وقياس القول في الغافل والناعس أنه يجزئه وإن بعد. [ ص: 295 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية